الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب يغشى الناس هذا عذاب أليم

                                                                                                                                                                                                        4544 حدثنا يحيى حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال قال عبد الله إنما كان هذا لأن قريشا لما استعصوا على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد فأنزل الله تعالى فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم قال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت قال لمضر إنك لجريء فاستسقى لهم فسقوا فنزلت إنكم عائدون فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية فأنزل الله عز وجل يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون قال يعني يوم بدر

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن الأعمش عن مسلم ) هو ابن صبيح بالتصغير أبو الضحى كما صرح به في الأبواب التي بعده ، وقد ترجم لهذا الحديث ثلاث تراجم بعد هذا وساق الحديث بعينه مطولا ومختصرا ، وقد تقدم أيضا في تفسير الفرقان مختصرا وفي تفسير الروم وتفسير " ص " مطولا ، ويحيى الراوي فيه عن أبي معاوية وفي الباب الذي يليه عن وكيع هو ابن موسى البلخي ، وقوله في الطريق الأولى " حتى أكلوا العظام " زاد في الرواية التي بعدها " والميتة " وفي التي تليها " حتى أكلوا الميتة " وفي التي بعدها " حتى أكلوا العظام والجلود " وفي رواية فيها " حتى أكلوا الجلود والميتة " وقع في جمهور الروايات " الميتة " بفتح الميم وبالتحتانية ثم المثناة ، وضبطها بعضهم بنون مكسورة ثم تحتانية ساكنة وهمزة وهو الجلد أول ما يدبغ ، والأول أشهر

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 435 ] قوله بعد قوله يغشى الناس هذا عذاب أليم ( قال : فأتي رسول الله ) كذا بضم الهمزة على البناء للمجهول ، والآتي المذكور هو أبو سفيان كما صرح به في الرواية الأخيرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقيل : يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت ) إنما قال : " لمضر " لأن غالبهم كان بالقرب من مياه الحجاز ، وكان الدعاء بالقحط على قريش وهم سكان مكة فسرى القحط إلى من حولهم فحسن أن يطلب الدعاء لهم ، ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش لئلا يذكرهم فيذكر بجرمهم ، فقال : لمضر ليندرجوا فيهم ، ويشير أيضا إلى أن غير المدعو عليهم قد هلكوا بجريرتهم . وقد وقع في الرواية الأخيرة " وإن قومك هلكوا " ولا منافاة بينهما لأن مضر أيضا قومه ، وقد تقدم في المناقب أنه - صلى الله عليه وسلم - كان من مضر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لمضر ؟ إنك لجريء ) أي أتأمرني أن أستسقي لمضر مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به ؟ ووقع في " شرح الكرماني " قوله " فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمضر " أي لأبي سفيان فإنه كان كبيرهم في ذلك الوقت وهو كان الآتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المستدعي منه الاستسقاء ، تقول العرب : قتلت قريش فلانا ويريدون شخصا منهم ، وكذا يضيفون الأمر إلى القبيلة والأمر في الواقع مضاف إلى واحد منهم انتهى . وجعله اللام متعلقة بقال غريب ، وإنما هي متعلقة بالمحذوف كما قررته أولا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فلما أصابهم الرفاهية ) بتخفيف التحتانية بعد الهاء أي التوسع والراحة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية