الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن رحمت الله قريب من المحسنين [56]

                                                                                                                                                                                                                                        اسم (إن) وخبرها، فأما قريب ولم يقل (قريبا) ففيه ستة أقوال، من أحسنها أن الرحمة والرحم واحد، وهي بمعنى العفو والغفران، كما قال:


                                                                                                                                                                                                                                        149 - إن السماحة والمروءة ضمنا قبرا بمرو على الطريق الواضح



                                                                                                                                                                                                                                        ومذهب الفراء أن قريبا إنما جاء بلا هاء؛ ليفرق بين قريب من النسب وبينه، وقال من احتج له: كذا كلام العرب، كما قال:

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 132 ]

                                                                                                                                                                                                                                        150 - له الويل إن أمسى ولا أم هاشم     قريب ولا بسباسة ابنة يشكرا



                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو إسحاق : هذا خطأ؛ لأن سبيل المذكر والمؤنث أن يجريا على أفعالهما.

                                                                                                                                                                                                                                        ومذهب أبي عبيدة أن تذكير (قريب) على تذكير المكان، قال علي بن سليمان : هذا خطأ، ولو كان كما قال لكان (قريب) منصوبا في القرآن، كما تقول: إن زيدا قريبا منك.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : والذي قاله أبو عبيدة قد أجاز سيبويه مثله على بعد كما قال:


                                                                                                                                                                                                                                        151 - فغدت كلا الفرجين تحسب أنه     مولى المخافة خلفها وأمامها



                                                                                                                                                                                                                                        فهذه ثلاثة أقوال.

                                                                                                                                                                                                                                        وقال الأخفش : يجوز أن يذكر كما يذكر بعض المؤنث، وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                        152 - فلا مزنة ودقت ودقها     ولا أرض أبقل إبقالها



                                                                                                                                                                                                                                        قال: ويجوز أن تكون الرحمة ههنا للمطر.

                                                                                                                                                                                                                                        والقول السادس أن يكون هذا على النسب، كما يقال: امرأة طالق وحائض.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية