الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم

                                                                                                                                                                                                أتبع النهي عن عبادة الأوثان ووصفها بأنها لا تنفع ولا تضر، أن الله -عز وجل- هو الضار النافع، الذي إن أصابك بضر لم يقدر على كشفه إلا هو وحده دون كل أحد، فكيف بالجماد الذي لا شعور به، وكذلك إن أرادك بخير لم يرد أحد ما يريده بك من فضله وإحسانه، فكيف بالأوثان ؟ فهو الحقيق إذا بأن توجه إليه العبادة دونها، وهو أبلغ من قوله: إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته [الزمر: 38].

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: لم ذكر المس في أحدهما، والإرادة في الثاني ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: كأنه أراد أن يذكر الأمرين جميعا: الإرادة، والإصابة في كل واحد من الضر والخير، وأنه لا راد لما يريده منهما، ولا مزيل لما يصيب به منهما، فأوجز الكلام بأن ذكر المس وهو الإصابة في أحدهما، والإرادة في الآخر; ليدل بما ذكر على ما ترك، على أنه قد ذكر الإصابة بالخير في قوله تعالى: يصيب به من يشاء من عباده والمراد [ ص: 179 ] بالمشيئة: مشيئة المصلحة .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية