الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا

                                                                                                                                                                                                                                        (103) أي: قل يا محمد للناس -على وجه التحذير والإنذار-: هل أخبركم بأخسر الناس أعمالا على الإطلاق؟

                                                                                                                                                                                                                                        (104) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ؛ أي: بطل واضمحل كل ما عملوه من عمل، وهم يحسبون أنهم محسنون في صنعه، فكيف بأعمالهم التي يعلمون أنها باطلة، وأنها محادة لله ورسله ومعاداة؟!! [ ص: 986 ] (105) فمن هم هؤلاء الذين خسرت أعمالهم، فخسروا أنفسهم يوم القيامة وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين؟ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ؛ أي: جحدوا الآيات القرآنية والآيات العيانية الدالة على وجوب الإيمان به، وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر.

                                                                                                                                                                                                                                        فحبطت بسبب ذلك أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا لأن الوزن فائدته مقابلة الحسنات بالسيئات، والنظر في الراجح منها والمرجوح، وهؤلاء لا حسنات لهم لعدم شرطها، وهو الإيمان، كما قال تعالى: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما لكن تعد أعمالهم وتحصى، ويقررون بها، ويخزون بها على رءوس الأشهاد، ثم يعذبون عليها. (106) ولهذا قال: ذلك جزاؤهم ؛ أي: حبوط أعمالهم، وأنه لا يقام لهم يوم القيامة، وزنا لحقارتهم وخستهم، بكفرهم بآيات الله، واتخاذهم آياته ورسله هزوا يستهزئون بها، ويسخرون منها، مع أن الواجب في آيات الله ورسله الإيمان التام بها، والتعظيم لها، والقيام بها أتم القيام، وهؤلاء عكسوا القضية، فانعكس أمرهم، وتعسوا، وانتكسوا في العذاب. ولما بين مآل الكافرين وأعمالهم بين أعمال المؤمنين ومآلهم فقال:

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية