الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وأد

                                                          وأد : الوأد والوئيد : الصوت العالي الشديد كصوت الحائط إذا سقط ونحوه ; قال المعلوط :


                                                          أعاذل ما يدريك أن رب هجمة لأخفافها فوق المتان وئيد

                                                          قال ابن سيده : كذا أنشده اللحياني ، ورواه يعقوب : فديد . وفي حديث عائشة : خرجت أقفو آثار الناس يوم الخندق فسمعت وئيد الأرض خلفي . الوئيد : شدة الوطء على الأرض يسمع كالدوي من بعد . ويقال : سمعت وأد قوائم الإبل ووئيدها . وفي حديث سواد بن مطرف : وأد الذعلب الوجناء أي صوت وطئها على الأرض . ووأد البعير : هديره ; عن اللحياني . ووأد الموءودة ، وفي الصحاح وأد ابنته يئدها وأدا : دفنها في القبر وهي حية ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ما لقي الموءود من ظلم أمه     كما لقيت ذهل جميعا وعامر

                                                          أراد من ظلم أمه إياه بالوأد . وامرأة وئيد ووئيدة موءودة ، وهي المذكورة في القرآن العزيز : وإذا الموءودة سئلت ; قال المفسرون : كان الرجل من الجاهلية إذا ولدت له بنت دفنها حين تضعها والدتها حية مخافة العار والحاجة ، فأنزل الله تعالى : ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ( الآية ) . وقال في موضع آخر : وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب . ويقال : وأدها الوائد يئدها وأدا ، فهو وائد ، وهي موءودة ووئيد . وفي الحديث : الوئيد في الجنة أي الموءود ، فعيل بمعنى مفعول . ومنهم من كان يئد البنين عن المجاعة ، وكانت كندة تئد البنات ; وقال الفرزدق يعني جده صعصعة بن ناجية :


                                                          وجدي الذي منع الوائدات     وأحيا الوئيد فلم يوأد

                                                          وفي الحديث : أنه نهى عن وأد البنات أي قتلهن . وفي حديث العزل : ذلك الوأد الخفي ، وفي حديث آخر : تلك الموءودة الصغرى ; جعل العزل عن المرأة بمنزلة الوأد إلا أنه خفي ; لأن من يعزل عن امرأته إنما يعزل هربا من الولد ، ولذلك سماها الموءودة الصغرى ; لأن وأد البنات الأحياء الموءودة الكبرى . قال أبو العباس : من خفف همزة الموءودة قال مودة كما ترى لئلا يجمع بين ساكنين . ويقال : تودأت عليه الأرض وتكمأت وتلمعت إذا غيبته وذهبت به ; قال أبو منصور : هما لغتان ، تودأت عليه وتوأدت على القلب . والتؤدة ساكنة وتفتح : التأني والتمهل والرزانة ; قالت الخنساء :


                                                          فتى كان ذا حلم رزين وتؤدة     إذا ما الحبى من طائف الجهل حلت

                                                          وقد اتأد وتوأد : التوآد منه . وحكى أبو علي : تيدك بمعنى اتئد ، اسم للفعل كرويد ، وكأن وضعه غير لكونه اسما للفعل لا فعلا ، فالتاء بدل من الواو كما كانت في التؤدة ، والياء بدل من الهمزة قلبت معا قلبا لغير علة . قال الأزهري : وأما التؤدة بمعنى التأني في الأمر فأصلها وأدة مثل التكأة أصلها وكأة فقلبت الواو تاء ; ومنه يقال : اتئد يا فتى ، وقد اتأد يتئد اتئادا إذا تأنى في الأمر ; قال : وثلاثيه غير مستعمل لا يقولون وأد يئد بمعنى اتأد . وقال الليث : يقال ايتأد وتوأد ، فإيتأد على افتعل ، وتوأد على تفعل . والأصل فيهما الوأد إلا أن يكون مقلوبا من الأود وهو الإثقال ، فيقال آدني يئودني أي أثقلني ، والتأود منه . ويقال : تأودت المرأة في قيامها إذا تثنت لتثاقلها ; ثم قالوا : توأد واتأد إذا ترزن وتمهل ، والمقلوبات في كلام [ ص: 137 ] العرب كثيرة . ومشى مشيا وئيدا أي على تؤدة ; قالت الزباء :


                                                          ما للجمال مشيها وئيدا     أجندلا يحملن أم حديدا

                                                          واتأد في مشيه وتوأد في مشيه ، وهو افتعل ، وتفعل : من التؤدة ، وأصل التاء في اتأد واو . يقال : اتئد في أمرك أي تثبت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية