الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 169 ] 885 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما وصف به المرأة أنها تقبل بصورة شيطان وأنها تدبر بصورة شيطان .

5550 - حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم ، حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، حدثنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، حدثنا أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فدخل على زينب بنت جحش فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه ، فقال لهم : إن المرأة تقبل في صورة شيطان ، وتدبر بصورة شيطان ، فمن وجد ذلك فليأت أهله ؛ فإنه يصيب ما في نفسه .

[ ص: 170 ] قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصف المرأة في إقبالها وفي إدبارها بما وصفها به ، وكانت الشياطين موصوفة في كتاب الله عز وجل بمعنيين ، أحدهما : تشبيهه عز وجل الشجرة التي هي طعام أهل النار الخارجة في أصل الجحيم أن طلعها كرؤوس الشياطين ، وكان ذلك على بشاعة ما هي عليه وفظاعته وقبحه . فعقلنا بذلك : أن الذي سميت به المرأة من الشيطان بخلاف ذلك ؛ لأنها في صورتها بخلاف هذا الوصف ، ووجدناه عز وجل قد وصف الشيطان الذي هو منها في أعلى مراتبها بقوله عز وجل : يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة الآية ، فكان ذلك على ما يلقي في قلوبهم مما يغويهم به ويحركهم على معاصي ربهم عز وجل ، فكان ذلك محتملا أن يكون هو الذي شبه المرأة به في الحديث الذي ذكرنا ، لأنه يخالط قلوبهم منها مثل الذي يخالط قلوبهم مما يلقيه الشيطان فيها ، ثم وجدنا مثل ذلك مما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : [ ص: 171 ] إن الشيطان يجري من بني آدم مجرى الدم ، فكان مثل ذلك ما يكون من رؤيتهم المرأة مما يوقع في قلوبهم ما لا خفاء به من أمثالهم مما هو من معاصي ربهم ، ومما يلحقهم به من العقوبات في الدنيا والآخرة ، مما يكون منهم عند ذلك مما يكون مثله مما يلقيه الشيطان في قلوبهم حتى يكون ذلك سببا لما يوجبه ذلك من العقوبة في [ ص: 172 ] دنياهم ، والعقوبة في آخرتهم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من رأى ذلك بأن يفعل ما أمره بفعله مما يقطع السبب الذي يخاف عليه أنه قد وقع في قلبه مما يكون سببا لتلك الأشياء ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية