الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل في شروط القود ) ووطأ لها بمسائل يستفاد منها بعض شروط أخرى كما لا يخفى على المتأمل إذا ( قتل ) مسلم ( مسلما ظن كفره ) يعني حرابته أو شك فيها أي هل هو حربي أو ذمي فذكره الظن تصوير أو أراد به مطلق التردد أو الإشارة لخلاف ( بدار الحرب ) كأن كان عليه زي الكفار أو رآه يعظم آلهتهم وإثبات إسلامه مع هذين ؛ لأن الأصح أن التزيي بزيهم غير ردة مطلقا ، وكذا تعظيم آلهتهم في دار الحرب لاحتمال إكراه أو نحوه فإن قلت الرافعي يجعل الأول ردة مع ذكره له هنا كذلك قلت إما جرى هنا على مقالة غيره أو قصد مجرد التصوير أو محل كلامه في غير دار الحرب [ ص: 395 ] لما تقرر في الثاني بل أولى أو قتله في صفهم ولو بدارنا ولم يعرف مكانه وإن لم يظن كفره ( فلا قصاص ) لوضوح عذره ( وكذا لا دية ) علم أن في دارهم مسلما أم لا عين شخصا أم لا عهد حرابة من عينه أم لا كما يأتي ( في الأظهر ) ؛ لأنه أسقط حرمة نفسه وثبوتها مع الشبهة محله في غير ذلك نعم تجب الكفارة قطعا ؛ لأنه مسلم باطنا ولا جناية منه تقتضي إهداره مطلقا وخرج بظن حرابته الصادق بعهدها وعدمه كما تقرر ما لو انتفى ظنها وعهدها فإن عهد أو ظن إسلامه ولو بدارهم أو شك فيه وكان بدارنا فيلزمه القود لتقصيره أو بدارهم أو بصفهم فهدر لما مر ، أما إذا عرف مكانه بدارنا فكقتله بها في غير صفهم حتى إذا قصد قتله قصدا معينا له كما علم مما مر قتل به أو قتل غيره فأصابه لزمهم دية مخففة وبقولنا مسلم ذمي لم نستعن به فيقتل به

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل في شروط القود ) ( قوله : أو شك فيها أي هل هو حربي أو ذمي ) خرج ما لو شك هل هو حربي مثلا أو مسلم كما سيأتي ( قوله : بدار الحرب ) انظر هذا التقييد مع ما يأتي في قوله أو بدار الإسلام ( قوله : [ ص: 395 ] عين شخصا أم لا ) كأن المراد عينه للرمي مثلا أي قصده بالرمي ( قوله : ولو بدارهم ) يحتمل أو بصفهم ( قوله : أو بدارهم أو بصفهم ) أي أو شك فيه بدارهم أو صفهم قد يخرج على ذلك ما وقع لبعض الصحابة من قتله من سمع إسلامه وحمله على أنه تقية وكان ذلك في دارهم أو صفهم فلعله شك في صدور ما سمعه على غير وجه التقية ، وقد يقال قضية الشرع الاعتداد بالإسلام وعدم جواز التعويل على ما ينفق من الارتياب في صحته وكونه تقية فتشكل الواقعة إلا أن يقال هي واقعة حال محتملة على أنه قد يقال ليس هذا من قبيل الشك المراد هنا ؛ لأن الظاهر أنه ليس المراد إلا أنه لم يعلم لا قبله ولا في الحال بل تردد في أنه مسلم أو كافر والواقع لبعض الصحابة أنه يعهده حربيا ثم سمع منه كلمة الإسلام فحملها على التقية فهذا شيء آخر يحتاج إلى التأمل ثم رأيت النووي في شرح مسلم ذكر أن في وجوب الدية قولين للشافعي ( قوله : أيضا أو بدارهم أو بصفهم فهدر ) بقي ما لو أراد قتل حربي يعلم أنه حربي في دارهم مثلا فقال : لا إله إلا الله فقتله لاعتقاده أنه قالها تقيةكما وقع لأسامة رضي الله تعالى عنه كما رواه مسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في إنكار ذلك عليه ، وقد قال النووي في شرحه وأما كونه صلى الله عليه وسلم لم يوجب على أسامة قصاصا ولا دية ولا كفارة فقد يستدل به لإسقاط الجميع ولكن الكفارة واجبة والقصاص ساقط للشبهة وإن ظنه كافرا وظن أن إظهار كلمة التوحيد في هذه الحالة لا تجعله مسلما وفي وجوب الدية قولان للشافعي وقال بكل منهما بعض من العلماء انتهى ثم أجاب بأن الكفارة على التراخي وتأخير البيان لوقت الحاجة جائز وبأن أسامة يحتمل أنه كان معسرا فأخرت الدية على قول الوجوب ليساره ( قوله : أما إذا عرف مكانه بدارنا ) أخرج دارهم فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله وبقولنا مسلم ) أي في قوله إذا قتل مسلم مسلما إلخ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في شروط القود ) ( قوله : في شروط القود ) إلى قوله أو قتله في النهاية ( قوله بعض شروط أخرى ) يوهم أنه أهمل بعضها لم يصرح به ولا يستفاد من كلامه هنا فلعله ما مر في أول الباب من كون القتل عمدا وظلما ( قوله : يعني حرابته إلخ ) أي لا يكفي ظن كفره بل لا بد من ظن حرابته أما إذا ظنه ذميا فسيأتي في كلامه أن المذهب وجوب القصاص مغني .

                                                                                                                              ( قوله : أو ذمي ) انظر لم صور به مع أن مثله ما لو شك في أنه حربي أو مسلم كما يأتي رشيدي ( قوله أو أراد به ) أي الظن ع ش ( قوله : مطلق التردد ) يشمل الوهم وظاهر أنه غير مراد رشيدي ( قوله : أو الإشارة ) الأولى تنكيره وتقديمه على قوله أو أراد إلخ ( قوله لخلاف ) لم نطلع عليه عبارة الدميري وهذا أي عدم القصاص على من ظن حرابته مما لا خلاف فيه ثم ذكر محترز ظن الحرابة كما يأتي في الشارح فلم يتعرض لخلاف فيه ع ش ( قوله : كأن كان إلخ ) تصوير لظن حرابته ( قوله : زي الكفار ) أي الحربيين ع ش ( قوله : وإثبات إسلامه ) أي القول به ( قوله : مع هذين ) أي التزيين والتعظيم ع ش ( قوله : مطلقا ) أي بدار الحرب وغيرها ع ش ( قوله : في دار الحرب ) خرج به دارنا فيكون ردة ع ش ولعلهم أرادوا بدار الحرب هنا كما يفيده التعليل ما يشمل دار الكفر بأن استولى الكفار على بلاد الإسلام ويحكمون على المسلمين وإليه أشار سم بما نصه قوله : بدار الحرب انظر هذا التقييد مع ما يأتي في شرح أو بدار الإسلام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله الأول ) أي التزيي ( قوله : كذلك ) أي سببا لظن حرابته مع بقائه على الإسلام ع ش ( قوله على مقالة غيره ) أي من عدم الردة مطلقا ( قوله : أو محل كلامه إلخ ) أي ثم ، وأما هنا فمصور [ ص: 395 ] بدار الحرب فلا تناقض وإن كان ضعيفا في نفسه إذ المعتمد عدم الردة مطلقا ع ش ( قوله : لما تقرر ) وهو قوله : وكذا تعظيم آلهتهم بدار الحرب كردي أي لمفهومه عبارة الرشيدي أي من احتمال الإكراه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بل أولى ) أي بل التزيي في دار الحرب أولى لعدم كونه كفرا كردي ( قوله : أو قتله إلخ ) عطف على قتل مسلما وضمير المفعول راجع لمسلم بلا قيد ظن كفره أخذا من قوله وإن لم يظن كفره ( قوله : ولم يعرف مكانه ) أي محله في صفهم فإن عرفه ففيه القود كما يأتي عبارة المغني واحترز بقوله ظن كفره عما إذا لم يظنه ففيه تفصيل فإن عرف مكانه وقصده فكقتله بدارنا إلخ وإن لم يعرف مكانه ورمى سهما إلى صف الكفار نظر إن لم يعين شخصا أو عين كافرا فأخطأ وأصاب مسلما فلا قود ولا دية وكذا لو قتله في بيات أو غارة ولم يعرفه وإن عين شخصا فأصابه فكان مسلما فلا قصاص وفي الدية القولان فيمن ظنه كافرا ا هـ بحذف ( قوله علم أن في دارهم ) إلى قول المتن وفي القصاص في المغني .

                                                                                                                              ( قوله : في دارهم ) أي أو في صفهم ( قوله : عين شخصا ) كأن المراد به عينه للرمي مثلا أي قصده بالرمي سم ( قوله كما يأتي ) أي في قوله الصادق إلخ ( قوله : لأنه أسقط ) إلى قوله أما إذا عرف في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه أسقط إلخ ) أي بمقامه في دار الحرب التي هي دار الإباحة مغني أي أو في صفهم ( قوله وثبوتها ) أي الدية ( قوله : في غير ذلك ) أي فيما إذا لم يسقط حرمة نفسه بما مر ( قوله مطلقا ) أي إهدارا مطلقا حتى بالنسبة للكفارة ( قوله : كما تقرر ) أي في شرح وكذا إلا دية ( قوله : ولو بدارهم ) ويحتمل أو بصفهم سم وهو ظاهر كما جزم به ع ش فقال قوله : وكان بدارنا أي وليس بصفهم لما يأتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فيلزمه القود ) بشرط علم محل المسلم ومعرفة عينه نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : أو بدارهم أو بصفهم إلخ ) أي أو شك فيه بدارهم إلخ سم ( قوله : لما مر ) أي من قوله لوضوح عذره ع ش ( قوله أما إذا عرف إلخ ) محترز قوله ولم يعرف مكانه ( قوله : مما مر ) أي في مبحث حد العمد ( قوله : لزمه دية مخففة ) عبارة المغني فدية مخففة على العاقلة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبقولنا مسلم ) أي في قوله إذا قتل مسلم إلخ سم ( قوله : لم نستعن به ) فلو استعنا به لم يقتل ثم ظاهره وإن كان المستعين به غير الإمام من المسلمين وهو ظاهر ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية