الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس ؛ قيل لهم هذا لأنهم قالوا: " لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " ؛ وقالوا: " نحن أبناء الله وأحباؤه " ؛ فقيل لهم: إن كنتم عند أنفسكم صادقين فيما تدعون؛ فتمنوا الموت؛ فإن من كان لا يشك في أنه صائر إلى الجنة؛ فالجنة عنده آثر من الدنيا؛ فإن كنتم صادقين فتمنوا الأثرة؛ والفضل.

                                                                                                                                                                                                                                        وللنبي - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين في هذه الآية أعظم حجة؛ وأظهر آية؛ وأدلة على الإسلام؛ وعلى صحة تثبيت رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه قال لهم: " تمنوا الموت " ؛ وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبدا؛ فلم يتمنه منهم واحد؛ لأنهم لو تمنوه لماتوا من [ ص: 177 ] ساعتهم؛ فالدليل على علمهم بأن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حق أنهم كفوا عن التمني؛ ولم يقدم واحد منهم عليه؛ فيكون إقدامه دفعا لقوله: " ولن يتمنوه أبدا " ؛ أو يعيش بعد التمني؛ فيكون قد رد ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فالحمد لله الذي أوضح الحق؛ وبينه؛ وقمع الباطل وأزهقه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية