الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ تلع ]

                                                          تلع : تلع النهار يتلع تلعا وتلوعا وأتلع : ارتفع . وتلعت الضحى تلوعا وأتلعت : انبسطت . وتلع الضحى : وقت تلوعها ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          أأنغردت في بطن واد حمامة بكيت ، ولم يعذرك بالجهل عاذر     تعالين في عبريه ، تلع الضحى
                                                          على فنن ، قد نعمته السرائر .



                                                          وتلع الظبي والثور من كناسه : أخرج رأسه وسما بجيده . وأتلع رأسه : أطلعه فنظر ، قال ذو الرمة :


                                                          كما أتلعت ، من تحت أرطى صريمة     إلى نبأة الصوت ، الظباء الكوانس .



                                                          وتلع الرجل رأسه : أخرجه من شيء كان فيه وهو شبه طلع إلا أن طلع أعم . قال الأزهري : في كلام العرب : أتلع رأسه إذا أطلع وتلع الرأس نفسه ، وأنشد بيت ذي الرمة . والأتلع والتلع والتليع : الطويل ، وقيل : الطويل العنق ، وقال الأزهري في ترجمة بتع : البتع الطويل العنق ، والتلع الطويل الظهر . قال أبو عبيد : أكثر ما يراد بالأتلع طويل العنق ، وقد تلع تلعا ، فهو تلع ، بين التلع ، وقول غيلان الربعي :


                                                          يستمسكون ، من حذار الإلقاء     بتلعات كجذوع الصيصاء .



                                                          يعني بالتلعات هنا سكانات السفن ، وقوله : من حذار الإلقاء أراد من خشية أن يقعوا في البحر فيهلكوا ، وقوله : كجذوع الصيصاء أي : أن قلوع هذه السفينة طويلة حتى كأنها جذوع الصيصاء وهو ضرب من التمر نخله طوال . وامرأة تلعاء بينة التلع ، وعنق أتلع وتليع ، فيمن ذكر : طويل ، وتلعاء فيمن أنث ، قال الأعشى :


                                                          يوم تبدي لنا قتيلة عن جي     د تليع ، تزينه الأطواق .



                                                          وقيل : التلع طوله وانتصابه وغلظ أصله وجدل أعلاه . والأتلع أيضا والتلع : الطويل من الأدب ، قال :


                                                          وعلقوا في تلع الرأس خدب .



                                                          والأنثى تلعة وتلعاء . والتلع : الكثير التلفت حوله ، وقيل : تليع . وسيد تليع وتلع : رفيع . وتتلع في مشيه وتتالع : مد عنقه ورفع رأسه . وتتلع : مد عنقه للقيام . يقال : لزم فلان مكانه قعد فما يتتلع أي : فما يرفع رأسه للنهوض ولا يريد البراح . والتتلع : التقدم ، قال أبو ذؤيب :


                                                          فوردن ، والعيوق مقعد رابئ الض     ضرباء فوق النجم ، لا يتتلع .



                                                          قال ابن بري : صوابه خلف النجم ، وكذلك رواية سيبويه . وفي حديث علي : لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله فوقصوا دونه أي : رفعوها . والتلعة : أرض مرتفعة غليظة يتردد فيها السيل ثم يدفع منها إلى تلعة أسفل منها ، وهي مكرمة من المنابت . والتلعة : مجرى الماء من أعلى الوادي إلى بطون الأرض ، والجمع التلاع . ومن أمثال العرب : فلان لا يمنع ذنب تلعة ، يضرب للرجل الذليل الحقير . وفي [ ص: 232 ] الحديث : " فيجيء مطر لا يمنع منه ذنب تلعة " يريد كثرته وأنه لا يخلو منه موضع . وفي الحديث : ليضربنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا ذنب تلعة . ابن الأعرابي : ويقال في مثل : ما أخاف إلا من سيل تلعتي أي : من بني عمي وذوي قرابتي ، قال : والتلعة مسيل الماء ؛ لأن من نزل التلعة فهو على خطر إن جاء السيل جرف به ، قال : وقال هذا وهو نازل بالتلعة فقال : لا أخاف إلا من مأمني . وقال شمر : التلاع مسايل الماء يسيل من الأسناد والنجاف والجبال حتى ينصب في الوادي ، قال : وتلعة الجبل أن الماء يجيء فيخذ فيه ويحفره حتى يخلص منه ، قال : ولا تكون التلاع إلا في الصحارى ، قال : والتلعة ربما جاءت من أبعد من خمسة فراسخ إلى الوادي ، فإذا جرت من الجبال فوقعت في الصحارى حفرت فيها كهيئة الخنادق ، قال : وإذا عظمت التلعة حتى تكون مثل نصف الوادي أو ثلثيه فهي ميثاء . وفي حديث الحجاج في صفة المطر : وأدحضت التلاع أي : جعلتها زلقا تزلق فيها الأرجل . والتلعة : ما انهبط من الأرض ، وقيل : ما ارتفع ، وهو من الأضداد ، وقيل : التلعة مثل الرحبة ، والجمع من كل ذلك تلع وتلاع ، قال عارق الطائي :


                                                          وكنا أناسا دائنين بغبطة     يسيل بنا تلع الملا وأبارقه .



                                                          وقال النابغة :


                                                          عفا ذو حسا من فرتنى فالفوارع     فجنبا أريك ، فالتلاع الدوافع .



                                                          حكى ابن بري عن ثعلب ، قال : دخلت على محمد بن عبد الله بن طاهر وعنده أبو مضر أخو أبي العميثل الأعرابي فقال لي : ما التلعة ؟ فقلت : أهل الرواية يقولون هو من الأضداد يكون لما علا ولما سفل ، قال الراعي في العلو :


                                                          كدخان مرتجل بأعلى تلعة     غرثان ضرم عرفجا مبلولا .



                                                          وقال زهير في الانهباط :


                                                          وإني متى أهبط من الأرض تلعة     أجد أثرا قبلي جديدا وعافيا .



                                                          قال : وليس كذلك إنما هي مسيل ماء من أعلى الوادي إلى أسفله ، فمرة يوصف أعلاها ومرة يوصف أسفلها . وفي الحديث : أنه كان يبدو إلى هذه التلاع ، قيل في تفسيره : هو من الأضداد يقع على ما انحدر من الأرض وأشرف منها . وفلان لا يوثق بسيل تلعته : يوصف بالكذب أي : لا يوثق بما يقول وما يجيء به . فهذه ثلاثة أمثال جاءت في التلعة ، وقول كثير عزة :


                                                          بكل تلاعة كالبدر لما     تنور ، واستقل على الحبال .



                                                          قيل في تفسيره : التلاعة ما ارتفع من الأرض شبه الناقة به ، وقيل : التلاعة الطويلة العنق المرتفعته والباب واحد . وتلعة : موضع ، قال جرير :


                                                          ألا ربما هاج التذكر والهوى     بتلعة ، إرشاش الدموع السواجم .



                                                          وقال أيضا :


                                                          وقد كان في بقعاء ري لشائكم     وتلعة والجوفاء يجري غديرها .



                                                          ويروى :


                                                          وتلعة والجوفاء يجري غديرها .



                                                          أي : يطرد عند هبوب الريح . ومتالع ، بضم الميم : جبل ، قال لبيد :


                                                          درس المنا بمتالع فأبان     بالحبس ، بين البيد والسوبان .



                                                          وقال ابن بري عجزه :


                                                          فتقادمت بالحبس فالسوبان .



                                                          أراد المنازل فحذف وهو قبيح . قال الأزهري : متالع جبل بناحية البحرين بين السودة والأحساء ، وفي سفح هذا الجبل عين يسيح ماؤه يقال له عين متالع . والتلع شبيه بالترع : لغية أو لثغة أو بدل . ورجل تلع : بمعنى الترع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية