الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وجع

                                                          وجع : الوجع : اسم جامع لكل مرض مؤلم ، والجمع أوجاع ، وقد وجع فلان يوجع وييجع وياجع ، فهو وجع ، من قوم وجعى ووجاعى ووجعين ووجاع وأوجاع ، ونسوة وجاعى ووجعات ; وبنو أسد يقولون ييجع ، بكسر الياء ، وهم لا يقولون يعلم استثقالا للكسرة على الياء ، فلما اجتمعت الياءان قويتا واحتملت ما لم تحتمله المفردة ، وينشد لمتمم بن نويرة على هذه اللغة :


                                                          قعيدك أن لا تسمعيني ملامة ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا



                                                          ومنهم من يقول : أنا إيجع وأنت تيجع ، قال ابن بري : الأصل في ييجع يوجع ، فلما أرادوا قلب الواو ياء كسروا الياء التي هي حرف المضارعة لتنقلب الواو ياء قلبا صحيحا ، ومن قال ييجل وييجع فإنه قلب الواو ياء قلبا ساذجا بخلاف القلب الأول ; لأن الواو الساكنة إنما تقلبها إلى الياء الكسرة قبلها . قال الأزهري : ولغة قبيحة من يقول وجع يجع ، قال : ويقول أنا أوجع رأسي ويوجعني رأسي وأوجعته أنا . ووجع عضوه : ألم وأوجعه هو . الفراء : يقال للرجل وجعت بطنك مثل سفهت رأيك ورشدت أمرك ، قال : وهذا من المعرفة التي كالنكرة ; لأن قولك " بطنك " مفسر ، وكذلك غبنت رأيك ، والأصل فيه [ ص: 159 ] وجع رأسك ، وألم بطنك ، وسفه رأيك ونفسك ، فلما حول الفعل خرج قولك وجعت بطنك وما أشبهه مفسرا قال : وجاء هذا نادرا في أحرف معدودة ; وقال غيره : إنما نصبوا وجعت بطنك بنزع الخافض منه كأنه قال وجعت من بطنك ، وكذلك سفهت في رأيك ، وهذا قول البصريين ; لأن المفسرات لا تكون إلا نكرات . وحكى ابن الأعرابي : أمضني الجرح فوجعته . قال الأزهري : وقد وجع فلان رأسه وبطنه . وأوجعت فلانا ضربا وجيعا ، وضرب وجيع ، أي موجع ، وهو أحد ما جاء على فعيل من أفعل ، كما يقال عذاب أليم بمعنى مؤلم ، وقيل : ضرب وجيع وأليم ذو ألم . وفلان يوجع رأسه ، نصبت الرأس ، فإن جئت بالهاء قلت يوجعه رأسه ، وأنا أيجع رأسي ، ويوجعني رأسي ، ولا تقل يوجعني رأسي ، والعامة تقوله ; قال صمة بن عبد الله القشيري :


                                                          تلفت نحو الحي حتى وجدتني     وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا



                                                          والإيجاع : الإيلام . وأوجع في العدو : أثخن . وتوجع : تشكى الوجع . وتوجع له مما نزل به : رثى من مكروه نازل . والوجعاء : السافلة ، وهي الدبر ، ممدودة ; قال أنس بن مدركة الخثعمي :


                                                          غضبت للمرء إذ نيكت حليلته     وإذ يشد على وجعائها الثفر
                                                          أغشى الحروب وسربالي مضاعفة     تغشى البنان وسيفي صارم ذكر
                                                          إني وقتلي سليكا ثم أعقله     كالثور يضرب لما عافت البقر



                                                          يعني أنها بوضعت . وجمع الوجعاء وجعاوات ، والسبب في هذا الشعر أن سليكا مر في بعض غزواته ببيت من خثعم ، وأهله خلوف ، فرأى فيهن امرأة بضة شابة فعلاها ، فأخبر أنس بذلك فأدركه فقتله . وفي الحديث : لا تحل المسألة إلا لذي دم موجع ; هو أن يتحمل دية فيسعى بها حتى يؤديها إلى أولياء المقتول ، فإن لم يؤدها قتل المتحمل عنه ، فيوجعه قتله . وفي الحديث : مري بنيك يقلموا أظفارهم أن يوجعوا الضروع أي لئلا يوجعوها إذا حلبوها بأظفارهم . وذكر الجوهري في هذه الترجمة الجعة ، فقال : والجعة نبيذ الشعير ، عن أبي عبيد ، قال : ولست أدري ما نقصانه ; قال ابن بري : الجعة لامها واو من جعوت أي جمعت كأنها سميت بذلك لكونها تجعو الناس على شربها أي تجمعهم ، وذكر الأزهري هذا الحرف في المعتل ، وسنذكره هناك . وأم وجع الكبد : نبتة تنفع من وجعها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية