[ ص: 367 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=59قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=60قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=61وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=62وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=63لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون ) نهى الله تعالى عن اتخاذ
اليهود والنصارى أولياء من دون المؤمنين ; معللا له بأن بعضهم أولياء بعض ، لا يوالي المؤمنين منهم أحد ، ولا يواليهم ممن يدعون الإيمان إلا مرضى القلوب ، والمنافقون الذين يتربصون الدوائر بالمؤمنين ، ثم أعاد النهي عن اتخاذهم أولياء ، واصفا إياهم بوصف آخر مما كانوا يؤذون به المؤمنين ، ويقاومون دينهم ، وعطف عليهم الكفار ، والمراد بهم مشركو العرب ، فقال :
[ ص: 368 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28976_28802ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء ) قرأ
أبو عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " الكفار " بالجر عطفا على " الذين أوتوا الكتاب " ، والباقون بالنصب عطفا على " الذين اتخذوا " ، والفرق بينهما أن قراءة الجر تفيد أن الكفار ؛ أي المشركين ، الذين اتخذوا دين المسلمين هزوا ولعبا ، لا تباح ولايتهم ، وقراءة النصب تفيد أن جميع المشركين يتخذون أولياء بحال من الأحوال ، وأما أهل الكتاب فإنما ينهى عن موالاتهم ; لوصف فيهم ينافي الموالاة ، كاتخاذهم دين الإسلام هزوا ولعبا ; أي شيئا يمزح به ويسخر منه ، فلا تنافي بين القراءتين . ولكن قراءة النصب فيها زيادة معنى ، وحكمة قراءة الجر أنه كان يوجد من المشركين من يهزأ بدين الإسلام ، ويعبث به ، فقراءة الجر نص في النهي عن موالاة هؤلاء لوصفهم هذا ، وقراءة النصب ; لإفادة النهي عن موالاة جميع المشركين ; لأن موالاة المسلمين لهم ، بعد أن أظهرهم الله عليهم بفتح
مكة ، ودخول الناس في دين الله أفواجا ، تكون قوة لهم ، وإقرارا على شركهم الذي جاء الإسلام لمحوه من
جزيرة العرب ، وأما أهل الكتاب ، فسياسة الإسلام فيهم غير سياسته مع مشركي العرب ; ولذلك أجاز في هذه السورة ، وهي من آخر ما نزل من القرآن ، أكل طعامهم ، ونكاح نسائهم ، وشرع في سورة التوبة قبول الجزية منهم ، وإقرارهم على دينهم ، ونهى في سورة العنكبوت عن مجادلتهم إلا بالتي هي أحسن ، وفي الآية تمييزهم على المشركين في إطلاق اللقب ; إذ خصهم في المقابلة بلقب أهل الكتاب ، ولقب المشركين بالكفار ، كما يعبر عنهم في آيات أخرى بالمشركين والذين أشركوا ; لأنهم لوثنيتهم عريقون في الكفر والشرك وأصلاء فيه ، وأما أهل الكتاب فكان قد عرض الشرك والكفر للكثيرين منهم عروضا ، وليس من أصل دينهم ، ثم لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ازداد المعاندون منهم كفرا بجحود نبوته ، وإيذائه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28976واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) أي واتقوا الله في أمر الموالاة ، فلا تضعوها في غير موضعها ، فينقلب الغرض إلى ضده ، فتكون وهنا لكم ، لا نصرا ، وكذا في سائر الأوامر والنواهي ، إن كنتم مؤمنين صادقين في إيمانكم ، تحفظون كرامته ، وتتجنبون مهانته .
[ ص: 367 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=59قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=60قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=61وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=62وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=63لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ اتِّخَاذِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ; مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ، لَا يُوَالِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَلَا يُوَالِيهِمْ مِمَّنْ يَدَّعُونَ الْإِيمَانَ إِلَّا مَرْضَى الْقُلُوبِ ، وَالْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ الدَّوَائِرَ بِالْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ أَعَادَ النَّهْيَ عَنِ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ ، وَاصِفًا إِيَّاهُمْ بِوَصْفٍ آخَرَ مِمَّا كَانُوا يُؤْذُونَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيُقَاوِمُونَ دِينَهُمْ ، وَعَطَفَ عَلَيْهِمُ الْكُفَّارَ ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ ، فَقَالَ :
[ ص: 368 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28976_28802يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ) قَرَأَ
أَبُو عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : " الْكُفَّارِ " بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى " الَّذِينَ أُوتُوا الْكُتَّابَ " ، وَالْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى " الَّذِينَ اتَّخَذُوا " ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قِرَاءَةَ الْجَرِّ تُفِيدُ أَنَّ الْكُفَّارَ ؛ أَيِ الْمُشْرِكِينَ ، الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَ الْمُسْلِمِينَ هُزُوًا وَلَعِبًا ، لَا تُبَاحُ وِلَايَتَهُمْ ، وَقِرَاءَةُ النَّصْبِ تُفِيدُ أَنَّ جَمِيعَ الْمُشْرِكِينَ يُتَّخَذُونَ أَوْلِيَاءَ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَإِنَّمَا يُنْهَى عَنْ مُوَالَاتِهِمْ ; لِوَصْفٍ فِيهِمْ يُنَافِي الْمُوَالَاةَ ، كَاتِّخَاذِهِمْ دِينَ الْإِسْلَامِ هُزُوًا وَلَعِبًا ; أَيْ شَيْئًا يُمْزَحُ بِهِ وَيُسْخَرُ مِنْهُ ، فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ . وَلَكِنَّ قِرَاءَةَ النَّصْبِ فِيهَا زِيَادَةُ مَعْنًى ، وَحِكْمَةُ قِرَاءَةِ الْجَرِّ أَنَّهُ كَانَ يُوجَدُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَهْزَأُ بِدِينِ الْإِسْلَامِ ، وَيَعْبَثُ بِهِ ، فَقِرَاءَةُ الْجَرِّ نَصٌّ فِي النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ هَؤُلَاءِ لِوَصْفِهِمْ هَذَا ، وَقِرَاءَةُ النَّصْبِ ; لِإِفَادَةِ النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ ; لِأَنَّ مُوَالَاةَ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ ، بَعْدَ أَنْ أَظْهَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِفَتْحِ
مَكَّةَ ، وَدُخُولِ النَّاسِ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ، تَكُونُ قُوَّةً لَهُمْ ، وَإِقْرَارًا عَلَى شِرْكِهِمُ الَّذِي جَاءَ الْإِسْلَامُ لِمَحْوِهِ مِنْ
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ ، فَسِيَاسَةُ الْإِسْلَامِ فِيهِمْ غَيْرُ سِيَاسَتِهِ مَعَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ ; وَلِذَلِكَ أَجَازَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَهِيَ مِنْ آخَرَ مَا نَزَلْ مِنَ الْقُرْآنِ ، أَكْلَ طَعَامِهِمْ ، وَنِكَاحَ نِسَائِهِمْ ، وَشَرَعَ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ قَبُولَ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ ، وَإِقْرَارَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ ، وَنَهَى فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ عَنْ مُجَادَلَتِهِمْ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، وَفِي الْآيَةِ تَمْيِيزُهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي إِطْلَاقِ اللَّقَبِ ; إِذْ خَصَّهُمْ فِي الْمُقَابَلَةِ بِلَقَبِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَلَقَّبَ الْمُشْرِكِينَ بِالْكُفَّارِ ، كَمَا يُعَبِّرُ عَنْهُمْ فِي آيَاتٍ أُخْرَى بِالْمُشْرِكِينَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ; لِأَنَّهُمْ لِوَثَنِيَّتِهِمْ عَرِيقُونَ فِي الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَأُصَلَاءُ فِيهِ ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَكَانَ قَدْ عَرَضَ الشِّرْكَ وَالْكُفْرَ لِلْكَثِيرِينَ مِنْهُمْ عَرُوضًا ، وَلَيْسَ مِنْ أَصْلِ دِينِهِمْ ، ثُمَّ لَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ازْدَادَ الْمُعَانِدُونَ مِنْهُمْ كُفْرًا بِجُحُودِ نُبُوَّتِهِ ، وَإِيذَائِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28976وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) أَيْ وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي أَمْرِ الْمُوَالَاةِ ، فَلَا تَضَعُوهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ، فَيَنْقَلِبُ الْغَرَضُ إِلَى ضِدِّهِ ، فَتَكُونُ وَهْنًا لَكُمْ ، لَا نَصْرًا ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ صَادِقِينَ فِي إِيمَانِكُمْ ، تَحْفَظُونَ كَرَامَتَهُ ، وَتَتَجَنَّبُونَ مَهَانَتَهُ .