الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في تغير حال المجني عليه من وقت الجناية إلى الموت [ ص: 411 ] بحرية أو عصمة أو إهدار أو مقدار المضمون ولنقدم على ذلك قاعدة ينبني عليها أكثر المسائل الآتية وهي أن كل جرح أوله غير مضمون لا ينقلب مضمونا بتغير الحال في الانتهاء وما ضمن فيهما يعتبر قدر الضمان فيه بالانتهاء ، وأما القود فيشترط فيه العصمة والمكافأة من أول أجزاء الجناية إلى الزهوق إذا علمت ذلك علمت أنه إذا ( جرح ) إنسان ( حربيا أو مرتدا أو عبد نفسه فأسلم ) أحد الأولين أو آمن الحربي ( وعتق ) العبد بعد الجرح ( ثم مات ) أحدهم ( بالجرح فلا ضمان ) فيه بقود ولا دية اعتبارا بحالة الجناية ؛ لأنه مهدر عندها وعلم مما مر أن قاتل المرتد قد يقتل به ومما يأتي أن على قاتل عبده كفارة دون قاتل أحد الأولين لإهداره عند استقرار الجناية ( وقيل تجب دية ) لحر مسلم مخففة على العاقلة اعتبارا بالانتهاء ( ولو رماهما ) أي الحربي أو المرتد وجعلا قسما واحدا ؛ لأن المراد أحدهما والعبد ( فأسلم ) أحد الأولين ( وعتق ) الثالث قبل إصابة السهم ثم ماتا بها ( فلا قصاص ) لانتفاء العصمة والمكافأة أول أجزاء الجناية ولكون الأولين مهدرين والثالث معصوما حسنت تثنية الضمير وإن كان العطف بأو ؛ لأنهما ضدان كما في { فالله أولى بهما } ( والمذهب وجوب دية مسلم مخففة على العاقلة ) اعتبارا بحالة الإصابة ؛ لأنها حالة اتصال الجناية لا الرمي ؛ لأنه كالمقدمة التي تسبب بها إلى الجناية كما لو كان مهدرا عند الحفر معصوما عند التردي ولو جرح حربي معصوما ثم عصم لم يضمنه وإن عصم بعد الرمي وقبل الإصابة ضمنه بالمال دون القود على ما يأتي .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل في تغير حال المجني عليه إلخ ) ( قوله : قد يقتل به ) بأن يكون مرتدا ( قوله معصوما عند التردي ) فإنه تجب في هذا الدية دون القصاص ( قوله : ضمنه ) هو أحد وجهين في الروض بلا ترجيح قال في شرحه : إنه الظاهر ثم فرق بينه وبين ما قبله بأن الإصابة هنا حصلت بعد كون الرامي ملتزما للضمان بخلافها ثم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل ) في تغير حال المجني عليه ( قوله : في تغير حال المجني عليه ) إلى قوله وعلم مما مر في المغني وإلى التنبيه في [ ص: 411 ] النهاية . ( قوله : في تغير حال المجني عليه ) أي أو الجاني كما يأتي في قوله ، ولو جرح حربي معصوما إلخ ع ش ( قوله : بحرية إلخ ) صلة تغير ( قوله : أو بقدر ) عطف على بحرية ( قوله : قاعدة ) المراد بها الجنس الشامل للمتعدد ( قوله : لا ينقلب مضمونا ) وكذا عكسه كما يعلم من قول المصنف الآتي ، ولو ارتد المجروح إلخ فيزاد في القاعدة وكل جرح وقع مضمونا لا ينقلب غير مضمون رشيدي وع ش أي كما زاده المغني بقوله وما كان مضمونا في أوله فقط فالنفس هدر ويجب ضمان تلك الجناية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : العصمة إلخ ) أي في المجني عليه ( قوله : من أول إلخ ) عبارة المغني من الفعل إلى الانتهاء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إلى الزهوق ) يرد عليه ما تقدم من أنه لو جرح ذمي ذميا أو عبد عبدا ثم أسلم الجارح أو عتق ومات المجروح على كفره أو رقه وجب القصاص لوجود المكافأة حال الجناية فقط فلو عبر هنا بقوله من أول الفعل إلى انتهائه لوافق ما مر ع ش ورشيدي أي كما عبر به المغني .

                                                                                                                              ( قوله : إنسان ) أي مسلم أو ذمي مغني .

                                                                                                                              ( قول المتن بالجرح ) أي بسرايته مغني .

                                                                                                                              ( قوله مما مر ) أي في قول المتن والأظهر قتل مرتد بذمي ومرتد ( قوله : قد يقتل به ) أي إذا كان مرتدا مثله لوجود المكافأة ع ش وسم ( قوله : أحد الأولين ) أي الحربي والمرتد وقوله لإهداره أي الأحد ع ش ( قوله : وجعلا ) أي الحربي والمرتد ( قوله : والعبد ) عطف على الحربي ( قوله : بها ) أي الإصابة ( قوله : ولكون الأولين إلخ ) متعلق بقوله حسنت ( قوله : تثنية الضمير ) أي في رماهما ( قوله : لأنهما إلخ ) أي المهدر والمعصوم علة لعلية العلة الأولى ( قوله : { فالله أولى بهما } ) أي الغني والفقير وأجيب عن الآية بأنها ليست من هذا الباب ؛ لأن التقدير فيها إن يكن غنيا أو يكن فقيرا فالضمير في بهما راجع لمعمول المتعاطفين لا لهما ع ش ( قول المتن دية مسلم ) أي أو حر مغني .

                                                                                                                              ( قوله : لا الرمي ) عطف على الإصابة ( قوله : كما لو كان مهدرا إلخ ) أي كما لو حفر بئرا عدوانا وهناك حربي أو مرتد فأسلم ثم وقع فيها فإنه يضمنه وإن كان عند السبب مهدرا مغني .

                                                                                                                              ( قوله : معصوما عند التردي ) أي فإنه يجب هنا الدية دون القصاص سم ( قوله : ولو جرح حربي إلخ ) هذا داخل في قوله كل جرح أوله غير مضمون إلخ ع ش ( قوله : ثم عصم إلخ ) عبارة المغني ثم أسلم الجارح أو عقدت له ذمة ثم مات المجروح فلا ضمان على الصحيح في زيادة الروضة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن عصم ) أي الحربي هذه لم تشملها القاعدة السابقة وقاعدة هذه أن كل فعل غير مضمون وما بعده من الجرح إلى الزهوق مضمون تجب فيه دية مسلم مخففة ع ش ( قوله على ما يأتي ) أي آنفا في قوله والذي يتجه إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية