الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ودي

                                                          ودي : الدية : حق القتيل ، وقد وديته وديا . الجوهري : الدية واحدة الديات ، والهاء عوض من الواو ، تقول : وديت القتيل أديه دية إذا أعطيت ديته ، واتديت أي أخذت ديته ، وإذا أمرت منه قلت : د فلانا ، وللاثنين ديا ، وللجماعة دوا فلانا . وفي حديث القسامة : فوداه من إبل الصدقة أي أعطى ديته . ومنه الحديث : إن أحبوا قادوا وإن أحبوا وادوا ، أي إن شاءوا اقتصوا ، وإن شاءوا أخذوا الدية ، وهي مفاعلة من الدية . التهذيب : يقال ودى فلان فلانا إذا أدى ديته إلى وليه . وأصل الدية ودية ، فحذفت الواو كما قالوا : شية من الوشي . ابن سيده : ودى الفرس والحمار وديا أدلى ليبول أو ليضرب ، قال : وقال بعضهم ودى ليبول وأدلى ليضرب ، زاد الجوهري : ولا تقل أودى ، وقيل : ودى : قطر . الأزهري : الكسائي ودأ الفرس يدأ بوزن ودع يدع إذا أدلى ، قال : وقال أبو الهيثم هذا وهم ، ليس في ودأ الفرس إذا أدلى همز . وقال شمر : ودى الفرس إذا أخرج جردانه . ويقال : ودى يدي إذا انتشر . وقال ابن شميل : سمعت أعرابيا يقول إني أخاف أن يدي ، قال : يريد أن ينتشر ما عندك ، قال : يريد ذكره ، وقال شمر : ودى أي سال ، قال : ومنه الودي فيما أرى لخروجه وسيلانه ، قال : ومنه الوادي . ويقال : ودى الحمار فهو واد إذا أنعظ ; ويقال : ودى بمعنى قطر منه الماء عند الإنعاظ . قال ابن بري : وفي تهذيب غريب المصنف للتبريزي ودى وديا أدلى ليبوك ، بالكاف ، قال : وكذلك هو في الغريب . ابن سيده : والودي والودي ، والتخفيف أفصح ، الماء الرقيق الأبيض الذي يخرج في إثر البول ، وخصص الأزهري في هذا الموضع ، فقال : الماء الذي يخرج أبيض رقيقا على إثر البول من الإنسان . قال ابن الأنباري : الودي الذي يخرج من ذكر الرجل بعد البول إذا كان قد جامع قبل ذلك أو نظر ، يقال منه : ودى يدي وأودى يودي ، والأول أجود ; قال : [ ص: 185 ] والمذي ما يخرج من ذكر الرجل عند النظر . يقال : مذى يمذي وأمذى يمذي . وفي حديث ما ينقض الوضوء ذكر الودي ، بسكون الدال وبكسرها وتشديد الياء ، البلل اللزج الذي يخرج من الذكر بعد البول ، يقال ودى ولا يقال أودى ، وقيل : التشديد أصح وأفصح من السكون . وودى الشيء وديا : سال ; أنشد ابن الأعرابي للأغلب :


                                                          كأن عرق أيره إذا ودى حبل عجوز ضفرت سبع قوى



                                                          التهذيب : المذي والمني والودي مشددات ، وقيل تخفف . وقال أبو عبيدة : المني وحده مشدد والآخران مخففان ، قال ولا أعلمني سمعت التخفيف في المني . الفراء : أمنى الرجل وأودى وأمذى ومذى وأدلى الحمار ، وقال : ودى يدي من الودي وديا ، ويقال : أودى الحمار في معنى أدلى ، وقال : ودى أكثر من أودى ، قال : ورأيت لبعضهم استودى فلان بحقي أي أقر به وعرفه ; قال أبو خيرة :


                                                          وممدح بالمكرمات مدحته     فاهتز واستودى بها فحباني



                                                          قال : ولا أعرفه إلا أن يكون من الدية ، كأنه جعل حباءه له على مدحه دية لها . والوادي : معروف ، وربما اكتفوا ، بالكسرة عن الياء كما قال :


                                                          قرقر قمر الواد بالشاهق



                                                          ابن سيده : الوادي كل مفرج بين الجبال والتلال والإكام ، سمي بذلك لسيلانه ، يكون مسلكا للسيل ومنفذا ; قال أبو الربيس التغلبي :


                                                          لا صلح بيني فاعلموه ولا     بينكم ما حملت عاتقي سيفي
                                                          وما كنا بنجد وما     قرقر قمر الواد بالشاهق



                                                          قال ابن سيده : حذف لأن الحرف لما ضعف عن تحمل الحركة الزائدة عليه ولم يقدر أن يتحامل بنفسه دعا إلى اخترامه وحذفه ، والجمع الأودية ، ومثله : ناد وأندية للمجالس . وقال ابن الأعرابي : الوادي يجمع أوداء على أفعال مثل صاحب وأصحاب ، أسدية ، وطيئ تقول : أوداه على القلب ; قال أبو النجم :

                                                          وعارضتها من الأوداه أودية     قفر تجزع منها الضخم والشعبا



                                                          وقال الفرزدق :


                                                          فلولا أنت قد قطعت ركابي     من الأوداه أودية قفارا



                                                          وقال جرير :


                                                          عرفت ببرقة الأوداه رسما     محيلا طال عهدك من رسوم



                                                          الجوهري : الجمع أودية على غير قياس ، كأنه جمع ودي مثل سري وأسرية للنهر ; وقول الأعشى :


                                                          سهام يثرب أو سهام الوادي



                                                          يعني وادي القرى ; قال ابن بري : وصواب إنشاده بكماله :


                                                          منعت قياس الماسخية رأسه     بسهام يثرب أو سهام الوادي



                                                          ويروى : أو سهام بلاد ، وهو موضع . وقوله - عز وجل - : ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ; ليس يعني أودية الأرض ، إنما هو مثل لشعرهم وقولهم ، كما نقول : أنا لك في واد ، وأنت لي في واد ، يريد أنا لك في واد من النفع ، أي صنف من النفع كثير ، وأنت لي في مثله ، والمعنى أنهم يقولون في الذم ويكذبون فيمدحون الرجل ويسمونه بما ليس فيه ، ثم استثنى - عز وجل - الشعراء الذين مدحوا سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وردوا هجاءه وهجاء المسلمين ، فقال : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا ; أي لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله ، ولم يجعلوه همتهم ، وإنما ناضلوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأيديهم وألسنتهم ، فهجوا من يستحق الهجاء وأحق الخلق به من كذب برسوله - صلى الله عليه وسلم - وهجاه ; وجاء في التفسير : أن الذي عنى - عز وجل - بذلك عبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك ، وحسان بن ثابت ، الأنصاريون - رضي الله عنهم - والجمع أوداء وأودية وأوداية ; قال :


                                                          وأقطع الأبحر والأودايه



                                                          قال ابن سيده : وفي بعض النسخ والأوادية ، قال : وهو تصحيف ; لأن قبله :


                                                          أما تريني رجلا دعكايه



                                                          ووديت الأمر وديا : قربته . وأودى الرجل : هلك ، فهو مود ; قال عتاب بن ورقاء :


                                                          أودى بلقمان وقد نال المنى     في العمر حتى ذاق منه ما اتقى



                                                          وأودى به المنون أي أهلكه ، واسم الهلاك من ذلك الودى ، قال : وقلما يستعمل ، والمصدر الحقيقي الإيداء . ويقال : أودى بالشيء ذهب به ; قال الأسود بن يعفر :


                                                          أودى ابن جلهم عباد بصرمته     إن ابن جلهم أمسى حية الوادي



                                                          ويقال : أودى به العمر أي ذهب به وطال ; وقال المرار بن سعيد :


                                                          وإنما لي يوم لست سابقه     حتى يجيء وإن أودى به العمر



                                                          وفي حديث ابن عوف :


                                                          وأودى سمعه إلا ندايا



                                                          أودى أي هلك ، ويريد به صممه وذهاب سمعه . وأودى به الموت : ذهب ; قال الأعشى :


                                                          فإما تريني ولي لمة     فإن الحوادث أودى بها



                                                          أراد : أودت بها ، فذكر على إرادة الحدثان . والودى ، مقصور : الهلاك ، وقد ذكر في الهمز . والودي على فعيل : فسيل النخل وصغاره ، واحدتها ودية ، وقيل : تجمع الودية ودايا ; قال الأنصاري :


                                                          نحن بغرس الودي أعلمنا     منا بركض الجياد في السلف



                                                          وفي حديث طهفة : مات الودي أي يبس من شدة الجدب والقحط . وفي حديث أبي هريرة : لم يشغلني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غرس الودي . والتوادي : الخشبات التي تصر بها أطباء الناقة وتشد على أخلافها إذا صرت لئلا يرضعها الفصيل ; قال جرير :


                                                          وأطراف التوادي كرومها



                                                          وقال الراجز :


                                                          يحملن في سحق من الخفاف     تواديا شوبهن من خلاف



                                                          واحدتها تودية ، وهو اسم كالتنهية ; قال الشاعر :

                                                          [ ص: 186 ]

                                                          فإن أودى ثعالة ذات     يوم بتودية أعد له ذيارا



                                                          وقد وديت الناقة بتوديتين أي صررت أخلافها بهما ، وقد شددت عليها التودية . قال ابن بري : قال بعضهم أودى إذا كان كامل السلاح ; وأنشد لرؤبة :


                                                          مودين يحمون السبيل السابلا



                                                          قال ابن بري : وهو غلط وليس من أودى ، وإنما هو من آدى إذا كان ذا أداة وقوة من السلاح .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية