الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وذم

                                                          وذم : أوذم الشيء : أوجبه . وأوذم على نفسه حجا أو سفرا : أوجبه . وأوذم اليمين ووذمها وأبدعها أي أوجبها ; قال الراجز :


                                                          لاهم إن عامر بن جهم أوذم حجا في ثياب دسم



                                                          أي متلطخة بالذنوب ، يعني أحرم بالحج وهو مدنس بالذنوب . أبو عمرو : الوذيمة الهدي ، وجمعها الوذائم . وقد أوذم الهدي إذا علق عليه سيرا أو شيئا يعلم به فيعلم أنه هدي فلا يعرض له . ابن سيده : الوذيمة الهدية . الجوهري : الوذيمة الهدية إلى بيت الله الحرام ، والجمع الوذائم ، وهي الأموال التي نذرت فيها النذور ; قال الشاعر :


                                                          فإن كنت لم أذكرك والقوم بعضهم     غضابى على بعض فمالي وذائم



                                                          أي مالي كله في سبيل الله . والوذم : الفضل والزيادة ، وقد وذم . والوذمة : زيادة في حياء الناقة والشاة كالثؤلول تمنعها من الولد ، والجمع وذم ووذام . ووذمها : قطع ذلك منها وعالجها منه . الأصمعي : الموذمة من النوق التي يخرج في حيائها لحم مثل الثآليل فيقطع ذلك منها ; قال أبو منصور : سمعت العرب تقول لأشباه الثآليل تخرج في حياء الناقة فلا تلقح معها إذا ضربها الفحل : الوذم ، فيعمد رجل رفيق ويأخذ مبضعا لطيفا ويدخل يده في حيائها فيقطع الوذم ، فيقال : قد وذمها توذيما ، والذي فعل ذلك موذم ، ثم يضربها الفحل بعد التوذيم فتلقح . وامرأة وذماء وفرس وذماء : وهي العاقر ، وقيل : الوذمة في حياء الناقة زيادة في اللحم تنبت في أعلى الحياء عند قرء الناقة فلا تلقح الناقة إذا ضربها الفحل ، وقد تقدم ذلك في الوخم أيضا . ويقال للمصير أيضا : وذم والوذم : الحزة من الكرش والكبد والمصارين المقطوعة تعقد وتلوى ثم ترمى في القدر ، والجمع أوذم وأوذام ووذوم وأواذم ; الأخيرة جمع أوذم ، وليس بجمع أوذام ، إذ لو كان ذلك لثبتت الياء ، وهي الوذمة ، والجمع وذام . أبو زيد وأبو عبيدة : الوذمة قرنة الكرش ، وهي زاوية في الكرش شبه الخريطة ، قال : وقرنة الرحم المكان الذي ينتهي إليه الماء في الرحم . والوذام : الكرش والأمعاء ، الواحدة وذمة مثل ثمرة وثمار . وقال ابن خالويه : الوذم قطعة كرش تطبخ بالماء ; قال الشاعر :


                                                          وما كان إلا نصف وذم مرمد     أتانا وقد حبت إلينا المضاجع



                                                          وفي حديث علي بن أبي طالب - عليه السلام - : لئن وليت بني أمية لأنفضنهم نفض القصاب الوذام التربة ، وفي رواية : التراب [ ص: 188 ] الوذمة ; قال الأصمعي : سألني شعبة عن هذا الحرف ، فقلت : ليس هو هكذا ، إنما هو نفض القصاب الوذام التربة ، والتربة التي قد سقطت في التراب فتتربت ، فالقصاب ينفضها ، وأراد بالوذام الخزز من الكرش والكبد الساقطة في التراب ، والقصاب يبالغ في نفضها ، قال : ومن هذا قيل لسيور الدلاء الوذم ؛ لأنها مقددة طوال ، قال : والتراب التي سقطت في التراب فتتربت ، وواحدة الوذام وذمة ، وهي الكرش لأنها معلقة ، وقيل : هي غير الكرش أيضا من البطون . أبو سعد : الكروش كلها تسمى تربة ، لأنها يحصل فيها التراب من المرتع ، والوذمة التي أخمل باطنها ، والكروش وذمة لأنها مخملة ، ويقال لخملها الوذم ، فمعنى قوله لئن وليتهم لأطهرنهم من الدنس ولأطيبنهم بعد الخبث . وكل سير قددته مستطيلا وذم . والوذمة : السير الذي بين آذان الدلو وعراقيها ، تشد بها ، وقيل : هو السير الذي تشد به العراقي في العرى ، وقيل : هو الخيط الذي بين العرى التي في سعنتها وبين العراقي ، والجمع وذم ، وجمع الجمع أوذام . ووذمها : جعل لها أوذاما . وأوذمها : شد وذمها . ودلو موذومة : ذات وذم . والعرب تقول للدلو إذا انقطع سيور آذانها : قد وذمت الدلو توذم ، فإذا شدوها إليها قالوا : أوذمتها . ووذمت الدلو توذم ، فهي وذمة : انقطع وذمها ; قال يصف الدلو :


                                                          أخذمت أم وذمت أم ما لها     أم غالها في بئرها ما غالها



                                                          وقال :


                                                          أرسلت دلوي فأتاني مترعا     لا وذما جاء ولا مقنعا



                                                          ذكر على إرادة السلم أو الغرب . وفي حديث عائشة تصف أباها - رضي الله عنهما - : وأوذم السقاء أي شده بالوذمة ، وفي رواية أخرى : وأوذم العطلة ، تريد الدلو التي كانت معطلة عن الاستقاء لعدم عراها وانقطاع سيورها . ووذم الوذم نفسه : انقطع . ووذم على الخمسين توذيما وأوذم : زاد عليها . ووذم ماله : قطعه ، والوذيمة : ما وذمه منه أي قطعه ; قال :


                                                          إن لم أكن أهواك والقوم بعضهم     غضاب على بعض فما لي وذائم



                                                          والتوذيم : أن توذم الكلاب بقلادة . ووذيمة الكلب : قطعة تكون في عنقه ; عن ثعلب . وروي عن أبي هريرة أنه سئل عن صيد الكلب فقال : إذا وذمته وأرسلته وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك ما لم يأكل وتوذيم الكلب : أن يشد في عنقه سير يعلم به أنه معلم مؤدب ، أراد بتوذيمه أن لا يطلب الصيد بغير إرسال ولا تسمية ، مأخوذ من الوذم السيور التي تقد طوالا ; وفي الحديث : أريت الشيطان فوضعت يدي على وذمته ; قال ابن الأثير : الوذمة ، بالتحريك ، سير يقد طولا ، وجمعه وذام ، وتعمل منه قلادة توضع في أعناق الكلاب لتربط فيها ، فشبه الشيطان بالكلب ، وأراد تمكنه منه كما يتمكن القابض على قلادة الكلب . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : فربط كميه بوذمة أي سير .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية