الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ورد

                                                          ورد : ورد كل شجرة : نورها ، وقد غلبت على نوع الحوجم . قال أبو حنيفة : الورد نور كل شجرة وزهر كل نبتة ، واحدته وردة ; قال : والورد ببلاد العرب كثير ، ريفية وبرية وجبلية . وورد الشجر : نور . ووردت الشجرة إذا خرج نورها . الجوهري : الورد ، بالفتح ، الذي يشم ، الواحدة وردة ، وبلونه قيل للأسد ورد ، وللفرس ورد وهو بين الكميت والأشقر . ابن سيده : الورد لون أحمر يضرب إلى صفرة حسنة في كل شيء ; فرس ورد ، والجمع ورد ووراد ، والأنثى وردة . وقد ورد الفرس يورد ورودة أي صار وردا . وفي المحكم : وقد ورد وردة واوراد ; قال الأزهري : ويقال إيراد يوراد على قياس ادهام واكمات ، وأصله إوراد صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها . وقال الزجاج في قوله تعالى : فكانت وردة كالدهان ; أي صارت كلون الورد ; وقيل : فكانت وردة كلون فرس وردة ; والورد يتلون فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف ، وأراد أنها تتلون من الفزع الأكبر كما تتلون الدهان المختلفة . واللون وردة ، مثل غبسة وشقرة ; وقوله :


                                                          تنازعها لونان ورد وجئوة ترى لأياء الشمس فيها تحدرا



                                                          إنما أراد وردة وجئوة أو وردا وجأى . قال ابن سيده : وإنما قلنا ذلك ; لأن وردا صفة وجئوة مصدر ، والحكم أن تقابل الصفة بالصفة ، والمصدر بالمصدر . وورد الثوب : جعله وردا . ويقال : وردت المرأة خدها إذا عالجته بصبغ القطنة المصبوغة . وعشية وردة إذا احمر أفقها عند غروب الشمس ، وكذلك عند طلوع الشمس ، وذلك علامة الجدب . وقميص مورد : صبغ على لون الورد ، وهو دون المضرج . والورد : من أسماء الحمى ، وقيل : هو يومها . الأصمعي : الورد يوم الحمى إذا أخذت صاحبها لوقت ، وقد وردته الحمى فهو مورود ; قال أعرابي لآخر : ما أمار إفراق المورود ؟ فقال : الرحضاء . وقد ورد على صيغة ما لم يسم فاعله . ويقال : أكل الرطب موردة أي محمة ; عن ثعلب . والورد وورد القوم : الماء . والورد : الماء الذي يورد . والورد : الإبل الواردة ; قال رؤبة :


                                                          لو دق وردي حوضه لم ينده



                                                          وقال الآخر :


                                                          يا عمرو عمر الماء ورد يدهمه



                                                          وأنشد قول جرير في الماء :


                                                          لا ورد للقوم إن لم يعرفوا بردى     إذا تكشف عن أعناقها السدف



                                                          بردى : نهر دمشق ، حرسها الله تعالى . والورد : العطش . والموارد المناهل ، واحدها مورد . وورد موردا أي ورودا . والموردة : الطريق إلى الماء . والورد : وقت يوم الورد بين الظمأين ، والمصدر الورود . [ ص: 191 ] والورد : اسم من ورد يوم الورد . وما ورد من جماعة الطير والإبل وما كان ، فهو ورد . تقول : وردت الإبل والطير هذا الماء وردا ، ووردته أورادا ; وأنشد :


                                                          فأوراد القطا سهل البطاح



                                                          وإنما سمي النصيب من قراءة القرآن وردا من هذا . ابن سيده : وورد الماء وغيره وردا وورودا وورد عليه : أشرف عليه ، دخله أو لم يدخله ; قال زهير :


                                                          فلما وردن الماء زرقا جمامه     وضعن عصي الحاضر المتخيم



                                                          معناه لما بلغن الماء أقمن عليه . ورجل وارد من قوم وراد ، ووراد من قوم ورادين ، وكل من أتى مكانا منهلا أو غيره ، فقد ورده . وقوله تعالى : وإن منكم إلا واردها ; فسره ثعلب فقال : يردونها مع الكفار فيدخلها الكفار ولا يدخلها المسلمون ; والدليل على ذلك قول الله - عز وجل - : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ; وقال الزجاج : هذه آية كثر اختلاف المفسرين فيها ، وحكى كثير من الناس أن الخلق جميعا يردون النار فينجو المتقي ويترك الظالم ، وكلهم يدخلها . والورد : خلاف الصدر . وقال بعضهم : قد علمنا الورود ولم نعلم الصدور ، ودليل من قال هذا قوله تعالى : ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا . وقال قوم : الخلق يردونها فتكون على المؤمن بردا وسلاما ; وقال ابن مسعود والحسن وقتادة : إن ورودها ليس دخولها ، وحجتهم في ذلك قوية جدا ; لأن العرب تقول وردنا ماء كذا ولم يدخلوه . قال الله - عز وجل - : ولما ورد ماء مدين . ويقال إذا بلغت إلى البلد ولم تدخله : قد وردت بلد كذا وكذا . قال أبو إسحاق : والحجة قاطعة عندي في هذا ما قال الله تعالى : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها ; قال : فهذا ، والله أعلم ، دليل أن أهل الحسنى لا يدخلون النار . وفي اللغة : ورد بلد كذا وماء كذا إذا أشرف عليه ، دخله أو لم يدخله ، قال : فالورود بالإجماع ، ليس بدخول . الجوهري : ورد فلان ورودا حضر ، وأورده غيره واستودره أي أحضره . ابن سيده : تورده واستورده كورده كما قالوا : علا قرنه واستعلاه . ووارده : ورد معه ; وأنشد :


                                                          ومت مني هللا إنما     موتك لو واردت وراديه



                                                          والواردة : وراد الماء . والورد : الواردة . وفي التنزيل العزيز : ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ; وقال الزجاج : أي مشاة عطاشا ، والجمع أوراد . والورد : الوراد وهم الذين يردون الماء ; قال يصف قليبا :


                                                          صبحن من وشحا قليبا سكا     يطمو إذا الورد عليه التكا



                                                          وكذلك الإبل :


                                                          وصبح الماء بورد عكنان



                                                          والورد : النصيب من الماء . وأورده الماء : جعله يرده . والموردة : مأتاة الماء ، وقيل : الجادة ; قال طرفة : :


                                                          كأن علوب النسع في دأياتها     موارد من خلقاء في ظهر قردد



                                                          ويقال : ما لك توردني ، أي تقدم علي ، وقال في قول طرفة :


                                                          كسيد الغضا نبهته المتورد



                                                          هو المتقدم على قرنه الذي لا يدفعه شيء . وفي الحديث : اتقوا البراز في الموارد أي المجاري والطرق إلى الماء ، واحدها مورد ، وهو مفعل من الورود . يقال : وردت الماء أرده ورودا إذا حضرته لتشرب . والورد : الماء الذي ترد عليه . وفي حديث أبي بكر : أخذ بلسانه ، وقال : هذا الذي أوردني الموارد ; أراد الموارد المهلكة ، واحدها موردة ; وقول أبي ذؤيب يصف القبر :


                                                          يقولون لما جشت البئر أوردوا     وليس بها أدنى ذفاف لوارد



                                                          استعار الإيراد لإتيان القبر ; يقول : ليس فيها ماء ، وكل ما أتيته فقد وردته ; وقوله :


                                                          كأنه بذي القفاف سيد     وبالرشاء مسبل ورود



                                                          وورود هنا يريد أن يخرج إذا ضرب به . وأورد عليه الخبر : قصه . والورد : القطيع من الطير . والورد : الجيش على التشبيه به ; قال رؤبة :


                                                          كم دق من أعناق ورد مكمه



                                                          وقول جرير أنشده ابن حبيب :


                                                          سأحمد يربوعا على أن وردها     إذا ذيد لم يحبس وإن ذاد حكما



                                                          قال : الورد هاهنا الجيش ، شبهه بالورد من الإبل بعينها . والورد : الإبل بعينها . والورد : النصيب من القرآن ، تقول : قرأت وردي . وفي الحديث : أن الحسن ، وابن سيرين كانا يقرآن القرآن من أوله إلى آخره ويكرهان الأوراد ; الأوراد جمع ورد ، بالكسر ، وهو الجزء ، يقال : قرأت وردي . قال أبو عبيد : تأويل الأوراد أنهم كانوا أحدثوا أن جعلوا القرآن أجزاء ، كل جزء منها فيه سور مختلفة من القرآن على غير التأليف ، جعلوا السورة الطويلة مع أخرى دونها في الطول ثم يزيدون كذلك ، حتى يعدلوا بين الأجزاء ويتموا الجزء ، ولا يكون فيه سورة منقطعة ولكن تكون كلها سورا تامة ، وكانوا يسمونها الأوراد . ويقال : لفلان كل ليلة ورد من القرآن يقرؤه أي مقدار معلوم إما سبع أو نصف السبع أو ما أشبه ذلك . يقال : قرأ ورده وحزبه بمعنى واحد . والورد : الجزء من الليل يكون على الرجل يصليه . وأرنبة واردة إذا كانت مقبلة على السبلة . وفلان وارد الأرنبة إذا كان طويل الأنف . وكل طويل : وارد . وتوردت الخيل البلدة إذا دخلتها قليلا قليلا قطعة قطعة . وشعر وارد : مسترسل طويل ; قال طرفة : :


                                                          وعلى المتنين منها وارد     حسن النبت أثيث مسبكر



                                                          وكذلك الشفة واللثة . والأصل في ذلك أن الأنف إذا طال يصل إلى الماء إذا شرب بفيه لطوله ، والشعر من المرأة يرد كفلها . وشجرة واردة الأغصان إذا تدلت أغصانها ; وقال الراعي يصف نخلا أو كرما :


                                                          يلقى نواطيره في كل مرقبة     يرمون عن وارد الأفنان منهصر



                                                          [ ص: 192 ] أي يرمون الطير عنه . وقوله تعالى : فأرسلوا واردهم ، أي سابقهم . وقوله تعالى : ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ; قال أهل اللغة : الوريد عرق تحت اللسان ، وهو في العضد فليق ، وفي الذراع الأكحل ، وهما فيما تفرق من ظهر الكف الأشاجع ، وفي بطن الذراع الرواهش ، ويقال : إنها أربعة عروق في الرأس ، فمنها اثنان ينحدران قدام الأذنين ، ومنها الوريدان في العنق . وقال أبو الهيثم : الوريدان تحت الودجين ، والودجان عرقان غليظان عن يمين ثغرة النحر ويسارها . قال : والوريدان ينبضان أبدا من الإنسان . وكل عرق ينبض ، فهو من الأوردة التي فيها مجرى الحياة . والوريد من العروق : ما جرى فيه النفس ولم يجر فيه الدم ، والجداول التي فيها الدماء كالأكحل والصافن ، وهي العروق التي تفصد . أبو زيد : في العنق الوريدان ، وهما عرقان بين الأوداج وبين اللبتين ، وهما من البعير الودجان ، وفيه الأوداج وهي ما أحاط بالحلقوم من العروق ; قال الأزهري : والقول في الوريدين ما قال أبو الهيثم . غيره : والوريدان عرقان في العنق ، والجمع أوردة وورود . ويقال للغضبان : قد انتفخ وريده . الجوهري : حبل الوريد عرق تزعم العرب أنه من الوتين ، قال : وهما وريدان مكتنفا صفقي العنق مما يلي مقدمه غليظان . وفي حديث المغيرة : منتفخة الوريد ، هو العرق الذي في صفحة العنق ، ينتفخ عند الغضب ، وهما وريدان ; يصفها بسوء الخلق وكثرة الغضب . والوارد : الطريق ; قال لبيد :


                                                          ثم أصدرناهما في وارد     صادر وهم صواه قد مثل



                                                          يقول : أصدرنا بعيرينا في طريق صادر ، وكذلك المورد ; قال جرير :


                                                          أمير المؤمنين على صراط     إذا اعوج الموارد مستقيم



                                                          وألقاه في وردة أي في هلكة كورطة ، والطاء أعلى . والزماورد : معرب ، والعامة تقول : بزماورد . وورد : بطن من جعدة . ووردة : اسم امرأة ; قال طرفة : :


                                                          ما ينظرون بحق وردة فيكم     صغر البنون ورهط وردة غيب



                                                          والأوراد : موضع عند حنين ; قال عباس بن . . . :


                                                          ركضن الخيل فيها بين بس     إلى الأوراد تنحط بالنهاب



                                                          وورد ووراد : اسمان ، وكذلك وردان . وبنات وردان : دواب معروفة . وورد : اسم فرس حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية