الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 265 ] 897 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لنسائه : أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ، ومن قوله لعلي : إنه سيكون بينك وبين عائشة شيء ، فإذا كان ذلك فأبلغها مأمنها

5611 - حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عصام بن قدامة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه : أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ، تخرج فتنبحها كلاب الحوب يقتل عن يمينها وشمالها قتلى كثير ، ثم تنجو بعد ما قد كادت .

[ ص: 266 ] قال أبو جعفر : هكذا يقول أهل الحديث في هذا الموضع المذكور نباح الكلاب فيه : الحوب بالرفع ، وأما أهل العربية ، فيقولون جميعا بالفتح ، وينشدون في ذلك

ما هي إلا شربة بالحوأب فصعدي من بعدها أو صوبي

[ ص: 267 ] فقال قائل : في هذا الحديث ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقف على أي نسائه تكون ذلك ، وأنتم تروون عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على خلاف ذلك .

5612 - وذكر ما قد حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا المقدمي ، حدثنا الفضيل بن سليمان النميري ، حدثنا محمد بن أبي يحيى ، عن أبي أسماء ، عن أبي جعفر ، عن أبي رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : إنه سيكون بينك وبين عائشة شيء . قال : أنا يا رسول الله ؟ قال : نعم ، قال : أنا من بين أصحابي ؟! قال : نعم ، قال : فأنا أشقاهم يا رسول الله . قال : لا ، فإذا كان ذلك ، فأبلغها إلى مأمنها ، هكذا حدثنا ابن أبي داود هذا الحديث ، فقال فيه عن أبي أسماء ، عن أبي جعفر ، عن أبي رافع .

5613 - وكذلك حدثنا محمد بن علي بن داود ، حدثنا الحسين بن محمد المروزي ، حدثنا الفضيل بن سليمان ، حدثنا محمد بن سليمان بن يحيى ، عن أبي أسماء مولى أبي جعفر [ ص: 268 ] ، عن أبي رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لعلي : إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر ثم ذكر بقية الحديث .

قال : ففي هذا الحديث : أن الذي يكون ذلك منها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ، وهذا تضاد شديد .

فكان جوابنا له في ذلك : أنه لا تضاد في ذلك كما توهم ، ولكنه عندنا - والله أعلم - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه ما رواه ابن عباس عنه مما ذكرنا بعد أن أعلمه الله عز وجل أن من نسائه من يكون ذلك منها من غير أن يكون أعلمه من هي منهن ، ثم أعلمه من هي منهن بعد ذلك ، فخاطب عليا رضي الله عنه بما خاطبه به من ذلك في حديث أبي رافع ، فبان بحمد الله وعونه أن لا تضاد في شيء مما ذكرنا في هذا الباب من هذين الأمرين ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية