الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5387 [ ص: 444 ] 25 - باب: لا صفر، وهو داء يأخذ البطن

                                                                                                                                                                                                                              5717 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وغيره، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا عدوى ولا صفر ولا هامة". فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال: "فمن أعدى الأول؟". رواه الزهري، عن أبي سلمة وسنان بن أبي سنان. [انظر: 5707 - مسلم: 2220 - فتح 10 \ 171]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وغيره، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى ولا صفر ولا هامة". فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال: "فمن أعدى الأول؟ ". ورواه الزهري، عن أبي سلمة وسنان بن أبي سنان.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              سلف الكلام على هذا الحديث (في باب الجذام) .

                                                                                                                                                                                                                              و(الهامة) ههنا: طائر كانوا يتشاءمون به، وهو من طير الليل، وقيل: البومة كما سلف، وصوب الطبري أنه ذكر البوم . وقيل: كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أدرك بثأره طارت. وقيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت - وقيل: روحه - تصير هامة فتطير، ويسمونه: الصدى، فترفرف عند قبره حتى تقاربه، فنفاه الإسلام ونهاهم عنه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 445 ] قال الطبري: ذكر أبو عبيدة قال: سمعت يونس الجرمي يسأل رؤبة بن العجاج عن الصفر، فقال: هي حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس، وهي أعدى من الجرب عند العرب. ويقال: إن قوله: "لا صفر" إبطال ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من تأخير المحرم إلى صفر في التحريم، وقد روي عن مالك مثل هذا القول ، وصوب الطبري الأول .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن وهب: كان أهل الجاهلية يقولون: إن الصفار التي في الجوف تقتل صاحبها، فرد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "لا يموت أحد إلا بأجله" ، وقد فسر جابر بن عبد الله مثله، وهو راوي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن قتيبة: والعدوى جنسان: عدوى الجذام والطاعون; فأما الأول فإن المجذوم تشتد رائحته حتى تسقم من أطال مجلسه معه ومؤاكلته، وربما جذمت امرأته بطول مضاجعتها (معه) ، وربما يسرع أولاده في الكبر إليه، وكذا من كان به سل، والأطباء يأمرون ألا يجالس المسلول ولا المجذوم، ولا يريدون بذلك معنى العدوى، وإنما يريدون بذلك تغير الرائحة، وأنها تسقم من أطال اشتمامها، والأطباء أبعد الناس من الإيمان بيمن أو شؤم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 446 ] وكذلك الجرب الرطب يكون بالبعير إذا خالط الإبل وحاكها وآوى في مباركها وصل إليها بالماء الذي يسيل منه نحوا مما به، فلهذا المعنى نهى الشارع ألا يورد ممرض على مصح كراهة أن يخالط ذو العاهة الصحيح فيناله من حكته ودائه نحو مما به، وقد ذهب قوم إلى أنه أراد بذلك ألا يظن أن الذي نال إبله من ذي العاهة فيأثم . والطاعون يأتي الكلام فيه.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              (الظباء) بالمد جمع ظبي في الكثرة، وكذلك ظبى ك (قذى) وهو على فعول، وفي أقله: أظب: ك (دلو) على زنة أفعل، أصله: أظبي.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية