الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وزن

                                                          وزن : الوزن : روز الثقل والخفة . الليث : الوزن ثقل شيء بشيء مثله كأوزان الدراهم ، ومثله الرزن ، وزن الشيء وزنا ووزنة . قال سيبويه : اتزن يكون على الاتخاذ وعلى المطاوعة ، وإنه لحسن الوزنة أي الوزن ، جاءوا به على الأصل ولم يعلوه لأنه ليس بمصدر إنما هو هيئة الحال ، وقالوا : هذا درهم وزنا ووزن ، النصب على المصدر الموضوع في موضع الحال ، والرفع على الصفة كأنك قلت موزون أو وازن . قال أبو منصور : ورأيت العرب يسمون الأوزان التي يوزن بها التمر وغيره المسواة من الحجارة والحديد الموازين ، واحدها ميزان ، وهي المثاقيل واحدها مثقال ، ويقال للآلة التي يوزن بها الأشياء ميزان أيضا ; قال الجوهري : أصله موزان ، انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ، وجمعه موازين ، وجائز أن تقول للميزان الواحد بأوزانه موازين . قال الله تعالى : ونضع الموازين القسط ; يريد نضع الميزان القسط . وفي التنزيل العزيز : والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون . وقوله تعالى : فأما من ثقلت موازينه ، وأما من خفت موازينه ; قال ثعلب : إنما أراد من ثقل وزنه أو خف وزنه ، فوضع الاسم الذي هو الميزان موضع المصدر . قال الزجاج : اختلف الناس في ذكر الميزان في القيامة ، فجاء في التفسير : أنه ميزان له كفتان ، وأن الميزان أنزل في الدنيا ليتعامل الناس بالعدل وتوزن به الأعمال ، وروى جويبر عن الضحاك : أن الميزان العدل ، قال : وذهب إلى قوله هذا وزن هذا ، وإن لم يكن ما يوزن ، وتأويله أنه قد قام في النفس مساويا لغيره كما يقوم الوزن في مرآة العين ، وقال بعضهم : الميزان الكتاب الذي فيه أعمال الخلق ; قال ابن سيده : وهذا كله في باب اللغة والاحتجاج سائغ إلا أن الأولى أن يتبع ما جاء بالأسانيد الصحاح ، فإن جاء في الخبر أنه ميزان له كفتان من حيث ينقل أهل الثقة ، فينبغي أن يقبل ذلك . وقوله تعالى : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا . قال أبو العباس : قال ابن الأعرابي العرب تقول ما لفلان عندي وزن أي قدر لخسته . وقال غيره : معناه خفة موازينهم من الحسنات . ويقال : وزن فلان لدراهم وزنا بالميزان ، وإذا كاله فقد وزنه أيضا . ويقال : وزن الشيء إذا قدره ، ووزن ثمر النخل إذا خرصه . وفي حديث ابن عباس وسئل عن السلف في النخل فقال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع النخل حتى يؤكل منه وحتى يوزن ، قلت : وما يوزن ؟ فقال رجل عنده : حتى يحزر ; قال أبو منصور : جعل الحزر وزنا لأنه تقدير وخرص ، وفي طريق أخرى : نهى عن بيع الثمار قبل أن توزن ، وفي رواية : حتى توزن أي تحزر وتخرص ; قال ابن الأثير : سماه وزنا ; لأن الخارص يحزرها ويقدرها فيكون كالوزن لها ، قال : ووجه النهي أمران : أحدهما تحصين الأموال ، والثاني أنه إذا باعها قبل ظهور الصلاح بشرط القطع وقبل الخرص سقط حقوق الفقراء منها ; لأن الله تعالى أوجب إخراجها وقت الحصاد ، والله أعلم . وقوله تعالى : وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ; المعنى وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم . يقال : وزنت فلانا ووزنت لفلان ، وهذا يزن درهما ودرهم وازن ; وقال قعنب بن أم صاحب :

                                                          [ ص: 206 ]

                                                          مثل العصافير أحلاما ومقدرة لو يوزنون بزف الريش ما وزنوا     جهلا علينا وجبنا عن عدوهم
                                                          لبئست الخلتان الجهل والجبن

                                                          قال ابن بري : الذي في شعره شبه العصافير . ووازنت بين الشيئين موازنة ووزانا ، وهذا يوازن هذا إذا كان على زنته أو كان محاذيه . ويقال : وزن المعطي واتزن الآخذ ، كما تقول : نقد المعطي وانتقد الآخذ ، وهو افتعل ، قلبوا الواو تاء فأدغموا . وقوله - عز وجل - : وأنبتنا فيها من كل شيء موزون ; جرى على وزن ، من قدر الله لا يجاوز ما قدره الله عليه لا يستطيع خلق زيادة فيه ولا نقصانا ، وقيل : من كل شيء موزون أي من كل شيء يوزن نحو الحديد والرصاص والنحاس والزرنيخ ; هذا قول الزجاج ، وفي النهاية : فسر الموزون على وجهين : أحدهما أن هذه الجواهر كلها مما يوزن مثل الرصاص والحديد والنحاس والثمنين ، أعني الذهب والفضة ، كأنه قصد كل شيء يوزن ولا يكال ، وقيل : معنى قوله : من كل شيء موزون ، أنه القدر المعلوم وزنه وقدره عند الله تعالى . والميزان : المقدار ; أنشد ثعلب :


                                                          قد كنت قبل لقائكم ذا مرة     عندي لكل مخاصم ميزانه

                                                          وقام ميزان النهار أي انتصف . وفي الحديث : سبحان الله عدد خلقه وزنة عرشه أي بوزن عرشه في عظم قدره ، من وزن يزن وزنا وزنة كوعد عدة ، وأصل الكلمة الواو ، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة من أولها . وامرأة موزونة : قصيرة عاقلة . والوزنة : المرأة القصيرة . الليث : جارية موزونة فيها قصر . وقال أبو زيد : أكل فلان وزمة ووزنة أي وجبة . وأوزان العرب : ما بنت عليه أشعارها ، واحدها وزن ، وقد وزن الشعر وزنا فاتزن ، كل ذلك عن أبي إسحاق . وهذا القول أوزن من هذا أي أقوى وأمكن . قال أبو العباس : كان عمارة يقرأ : ولا الليل سابق النهار ، بالنصب ; قال أبو العباس : ما أردت ؟ فقال : سابق النهار ، فقلت : فهلا قلته ، قال : لو قلته لكان أوزن . والميزان : العدل . ووازنه : عادله وقابله . وهو وزنه وزنته ووزانه وبوزانه أي قبالته . وقولهم : هو وزن الجبل أي ناحية منه ، وهو زنة الجبل أي حذاءه ; قال سيبويه : نصبا على الظرف . قال ابن سيده : وهو وزن الجبل وزنته أي حذاءه ، وهي أحد الظروف التي عزلها سيبويه ليفسر معانيها ، ولأنها غرائب ، قال : أعني وزن الجبل ، قال : وقياس ما كان من هذا النحو أن يكون منصوبا كما ذكرناه ، بدليل ما أومأ إليه سيبويه هنا ، وأما أبو عبيد فقال : هو وزانه بالرفع . والوزن : المثقال ، والجمع أوزان . وقالوا : درهم وزن ، فوصفوه بالمصدر . وفلان أوزن بني فلان أي أوجههم . ورجل وزين الرأي : أصيله ، وفي الصحاح : رزينه . وووزن الشيء : رجح ; ويروى بيت الأعشى :


                                                          وإن يستضافوا إلى حكمه     يضافوا إلى عادل قد وزن

                                                          وقد وزن وزانة إذا كان متثبتا . وقال أبو سعيد : أوزم نفسه على الأمر وأوزنها إذا وطن نفسه عليه . والوزن : الفدرة من التمر لا يكاد الرجل يرفعها بيديه ، تكون ثلث الجلة من جلال هجر أو نصفها ، وجمعه وزون ; حكاه أبو حنيفة ; وأنشد :


                                                          وكنا تزودنا وزونا كثيرة     فأفنينها لما علونا سبنسبا

                                                          والوزين : الحنظل المطحون ، وفي المحكم : الوزين حب الحنظل المطحون يبل باللبن فيؤكل ; قال :


                                                          إذا قل العثان وصار يوما     خبيئة بيت ذي الشرف الوزين

                                                          أراد : صار الوزين يوما خبيئة بيت ذي الشرف ، وكانت العرب تتخذ طعاما من هبيد الحنظل يبلونه باللبن فيأكلونه ويسمونه الوزين . ووزن سبعة : لقب . والوزن : نجم يطلع قبل سهيل فيظن إياه ، وهو أحد الكوكبين المحلفين . تقول العرب : حضار والوزن محلفان ، وهما نجمان يطلعان قبل سهيل ; وأنشد ابن بري :


                                                          أرى نار ليلى بالعقيق كأنها     حضار إذا ما أقبلت ووزينها

                                                          وموزن ، بالفتح : اسم موضع ، وهو شاذ مثل موحد وموهب ; وقال كثير :


                                                          كأنهم قصرا مصابيح راهب     بموزن روى بالسليط ذبالها
                                                          هم أهل ألواح السرير ويمنه     قرابين أرداف لها وشمالها

                                                          وقال كثير عزة :


                                                          بالخير أبلج من سقاية راهب     تجلى بموزن مشرقا تمثالها

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية