الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وسع

                                                          وسع : في أسمائه سبحانه وتعالى الواسع : هو الذي وسع رزقه جميع خلقه ووسعت رحمته كل شيء وغناه كل فقر ، وقال ابن الأنباري : الواسع من أسماء الله الكثير العطاء الذي يسع لما يسأل ، قال : وهذا قول أبي عبيدة . ويقال : الواسع المحيط بكل شيء من قوله : وسع كل شيء علما ; وقال :


                                                          أعطيهم الجهد مني بله ما أسع

                                                          معناه فدع ما أحيط به وأقدر عليه ، المعنى أعطيهم ما لا أجده إلا بالجهد فدع ما أحيط به . وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ; يقول : أينما تولوا فاقصدوا وجه الله تيممكم القبلة ، إن الله واسع عليم ، يدل على أنه توسعة على الناس في شيء رخص لهم ; قال الأزهري : أراد التحري عند إشكال القبلة . والسعة : نقيض الضيق ، وقد وسعه يسعه ويسعه سعة ، وهي قليلة ، أعني فعل يفعل ، وإنما فتحها حرف الحلق ، ولو كانت يفعل ثبتت الواو وصحت إلا بحسب ياجل . ووسع ، بالضم ، وساعة ، فهو وسيع . وشيء وسيع وأسيع : واسع . وقوله تعالى : للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة ; قال الزجاج : إنما ذكرت سعة الأرض ههنا لمن كان مع من يعبد الأصنام فأمر بالهجرة عن البلد الذي يكره فيه على عبادتها كما قال تعالى : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ; وقد جرى ذكر الأوثان في قوله : وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله . واتسع : كوسع . وسمع الكسائي : الطريق ياتسع ، أرادوا يوتسع فأبدلوا الواو ألفا طلبا للخفة كما قالوا ياجل ونحوه ، ويتسع أكثر وأقيس . واستوسع الشيء : وجده واسعا وطلبه واسعا ، وأوسعه ووسعه : صيره واسعا . وقوله تعالى : والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ; أراد جعلنا بينها وبين الأرض سعة ، جعل أوسع بمعنى وسع ، وقيل : أوسع الرجل صار ذا سعة وغنى ، وقوله : وإنا لموسعون أي أغنياء قادرون . ويقال : أوسع الله عليك أي أغناك . ورجل موسع : وهو المليء . وتوسعوا في المجلس أي تفسحوا . والسعة : الغنى والرفاهية على المثل . ووسع عليه يسع سعة ووسع ، كلاهما : رفهه وأغناه . وفي النوادر : اللهم سع عليه أي وسع عليه . ورجل موسع عليه الدنيا : متسع له فيها . وأوسعه الشيء : جعله يسعه ; قال امرؤ القيس :


                                                          فتوسع أهلها أقطا وسمنا     وحسبك من غنى شبع وري

                                                          وقال ثعلب : قيل لامرأة أي النساء أبغض إليك ؟ فقالت : التي تأكل لما ، وتوسع الحي ذما . وفي الدعاء : اللهم أوسعنا رحمتك أي اجعلها تسعنا . ويقال : ما أسع ذلك أي ما أطيقه ، ولا يسعني هذا الأمر مثله . ويقال : هل تسع ذلك أي هل تطيقه ؟ والوسع والوسع والسعة : الجدة والطاقة ، وقيل : هو قدر جدة الرجل ، وقدره ذات اليد . وفي الحديث : إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم بأخلاقكم ، أي لا تتسع أموالكم لعطائهم فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم ، وفي حديث آخر قاله : إنكم لا تسعون الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه . وقد أوسع الرجل : كثر ماله . وفي التنزيل : على الموسع قدره وعلى المقتر قدره . وقال تعالى : لينفق ذو سعة من سعته ; أي على قدر سعته ، والهاء عوض من الواو . ويقال : إنه لفي سعة من عيشه . والسعة : أصلها وسعة فحذفت الواو ونقصت . ويقال : ليسعك بيتك ، معناه القرار . ويقال : هذا الكيل يسع ثلاثة أمناء ، وهذا الوعاء يسع عشرين كيلا ، وهذا الوعاء يسعه عشرون كيلا ، على مثال قولك : أنا أسع هذا الأمر ، وهذا الأمر يسعني ، والأصل في هذا أن تدخل في وعلى ولام ; لأن قولك هذا الوعاء يسع عشرين كيلا أي يتسع لذلك ، ومثله : هذا الخف يسع رجلي أي يسع لرجلي أي يتسع لها وعليها . وتقول : هذا الوعاء يسعه عشرون كيلا ، معناه يسع فيه عشرون كيلا أي يتسع فيه عشرون كيلا ، والأصل في هذه المسألة أن يكون بصفة ، غير أنهم ينزعون الصفات من أشياء كثيرة حتى يتصل الفعل إلى ما يليه ويفضي إليه كأنه مفعول به ، كقولك : كلتك واستجبتك ومكنتك أي كلت لك واستجبت لك ومكنت لك . ويقال : وسعت رحمته كل شيء ولكل شيء وعلى كل شيء ; قال الله - عز وجل - : وسع كرسيه السماوات والأرض أي اتسع لها . ووسع الشيء الشيء : لم يضق عنه . ويقال : لا يسعني شيء ويضيق عنك أي وأن يضيق عنك ; يقول : متى وسعني شيء وسعك . ويقال : إنه ليسعني ما وسعك . والتوسيع : خلاف التضييق . ووسعت البيت وغيره فاتسع واستوسع . ووسع الفرس ، بالضم ، سعة ووساعة ، وهو وساع : اتسع في السير . وفرس وساع إذا كان جوادا ذا سعة في خطوه وذرعه . وناقة وساع : واسعة الخلق ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          عيشها العلهز المطحن بالقت     ت وإيضاعها القعود الوساعا

                                                          القعود من الإبل : ما اقتعد فركب . وفي حديث جابر : فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عجز جملي ، وكان فيه قطاف فانطلق أوسع جمل ركبته قط أي أعجل جمل سيرا . يقال : جمل وساع ، بالفتح ، أي واسع الخطو سريع السير . وفي حديث هشام يصف ناقة : إنها لميساع [ ص: 212 ] أي واسعة الخطو ، وهو مفعال ، بالكسر ، منه . وسير وسيع ووساع : متسع . واتسع النهار وغيره : امتد وطال . والوساع : الندب لسعة خلقه . وما لي عن ذاك متسع أي مصرف ، وسع : زجر للإبل كأنهم قالوا : سع يا جمل في معنى اتسع في خطوك ومشيك . واليسع : اسم نبي ، هذا إن كان عربيا ، قال الجوهري : يسع اسم من أسماء العجم ، وقد أدخل عليه الألف واللام ، وهما لا يدخلان على نظائره نحو يعمر ويزيد ويشكر إلا في ضرورة الشعر ; وأنشد الفراء لجرير :


                                                          وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا     شديدا بأعباء الخلافة كاهله

                                                          وقرئ : واليسع والليسع ، أيضا بلامين . قال الأزهري : ووسيع ماء لبني سعد ; وقال غيره : وسيع ودحرض ماءان بين سعد وبني قشير ، وهما الدحرضان اللذان في شعر عنترة إذ يقول :


                                                          شربت بماء الدحرضين فأصبحت     زوراء تنفر عن حياض الديلم

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية