الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وكم من قرية أهلكناها كم تدل على الكثرة ، و"رب" موضوعة للقلة . قال الزجاج : المعنى: وكم من أهل قرية ، فحذف الأهل ، لأن في الكلام دليلا عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      و قوله تعالى: فجاءها بأسنا محمول على لفظ القرية; والمعنى: فجاءهم بأسنا غفلة وهم غير متوقعين له; إما ليلا وهم نائمون ، أو نهارا وهم قائلون . قال ابن قتيبة: بأسنا: عذابنا . وبياتا: ليلا . وقائلون: من القائلة نصف النهار . فإن قيل: إنما أتاها البأس قبل الإهلاك ، فكيف يقدم الهلاك؟ فعنه ثلاثة أجوبة . [ ص: 168 ] أحدها: أن الهلاك والبأس يقعان معا ، كما تقول: أعطيتني فأحسنت; وليس الإحسان بعد الإعطاء ولا قبله ، وإنما وقعا معا ، قاله الفراء .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن الكون مضمر في الآية ، تقديره: أهلكناها ، وكان بأسنا قد جاءها ، فأضمر الكون ، كما أضمر في قوله: واتبعوا ما تتلو الشياطين [البقرة:102] ، أي: ما كانت الشياطين تتلوه . وقوله تعالى: إن يسرق [يوسف:77] أي: إن يكن سرق .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أن في الآية تقديما وتأخيرا ، تقديره: وكم من قرية جاءها بأسنا بياتا ، أو هم قائلون فأهلكناها ، كقوله تعالى: إني متوفيك ورافعك إلي [آل عمران:55] ، أي: رافعك ومتوفيك ، ذكرهما ابن الأنباري .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أو هم قائلون قال الفراء: فيه واو مضمرة; والمعنى: فجاءها بأسنا بياتا ، أو وهم قائلون ، فاستثقلوا نسقا على نسق .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية