الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : رحمه الله ) وإذا وكل الأجنبي عبدا تاجرا عليه دين أو لا دين عليه بقبض دين له على مولى العبد فالتوكيل جائز ; لأنه لا حق للعبد في الدين الذي على مولاه للأجنبي ولا في المحل الذي يستحق قضاء هذا الدين منه وهو مال المولى فيكون العبد فيه كأجنبي آخر .

[ ص: 121 ] فإن أقر بقبضه وهلاكه في يده فالقول قوله مع يمينه ; لأنه أمين فيه كغيره ولا يمين على المولى ; لأن العبد مسلط على الإقرار بالقبض من جهة صاحب الدين فإقراره به كإقرار صاحب الدين وبعد هذا الإقرار لا دعوى لأحد عليه حتى يحلفه فإن نكل العبد عن اليمين لزمه المال في عتقه يحاص به الموكل غرماء ; لأن الأجنبي يدعي على العبد أنه مستهلك لماله بإقراره كاذبا أو مانع منه بعد ما قبضه من غريمه ، ولو أقر العبد بذلك لزمه فإذا أنكر يستحلف ويقام نكوله مقام إقراره فيكون للمقر له المزاحمة به مع غرمائه وإن كان المولى هو الوكيل بقبض دين على عبده لم يكن وكيلا في ذلك ولم يجز قبضه بإقراره ولا بمعاينة الشهود إن كان على العبد دين أو لم يكن ولا يبرأ العبد من الدين بدفعه إلى مولاه ; لأن ما على العبد من الدين مستحق على المولى من وجه فإنه يقضى من ملك المولى وهو كسب العبد أو مالية رقبته وما يكون مستحقا على المرء من الدين لا يصلح هو أن يكون وكيلا في قبضه كما لو وكل المديون بقبض الدين من نفسه وهذا ; لأن بقبضه يسلم له مالية رقبته ومن ضرورة صحة التوكيل بالقبض صحة إقراره بالقبض منه وكونه أمينا في المقبوض وهو في هذا الإقرار متهم لماله من الحظ في ذلك بخلاف الدين الواجب على المولى فإنه غير مستحق على العبد ولا هو متهم في الإقرار بقبضه وذكر في كتاب الوكالة أنه لو وكل رجلا بقبض دين من أبيه أو ابنه أو مكاتبه أو عبده جاز التوكيل وكأنه في تلك الرواية اعتبر جانب من له الدين وهو أجنبي فيكون توكيله المولى وتوكيله أجنبيا آخر سواء وأصح الروايتين ما ذكر ههنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية