الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
515 \ 3964 - عن عبد الله بن عكيم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=675521قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأرض جهينة، وأنا غلام شاب: nindex.php?page=treesubj&link=32035أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: فإذا دبغ لا يقال له إهاب، إنما يسمى: شنا وقربة، قال nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل: يسمى إهابا ما لم يدبغ.
[ ص: 66 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي أيضا: وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كان nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه: "قبل وفاته بشهرين"، وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ترك nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده.
وقد حكى الخلال في كتابه: أن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد توقف في حديث ابن عكيم، لما رأى تزلزل الرواة فيه. وقال بعضهم: رجع عنه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : أصح ما في هذا الباب- في nindex.php?page=treesubj&link=565_24729_24777_17637جلود الميتة إذا دبغت- حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن عبيد الله، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، عن ميمونة.
قال ابن القيم رحمه الله: وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج بن الجوزي: حديث ابن عكيم مضطرب جدا، فلا يقاوم الأول.
واختلف مسالك الفقهاء في حديث ابن عكيم وأحاديث الدباغ، [ ص: 67 ] فطائفة قدمت أحاديث الدباغ عليه، لصحتها، وسلامتها من الاضطراب، وطعنوا في حديث ابن عكيم باضطرابه وبإرساله.
وطائفة قدمت حديث ابن عكيم لتأخره، وثقة رواته، ورأوا أن هذا الاضطراب لا يمنع الاحتجاج به، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن الحكم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم، فحديث محفوظ.
قالوا: ويؤيده: ما ثبت، عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي، عن nindex.php?page=treesubj&link=27417افتراش جلود السباع والنمور، كما سيأتي.
وطائفة عملت بالأحاديث كلها، ورأت أنه لا تعارض بينها، وحديث ابن عكيم إنما فيه النهي، عن nindex.php?page=treesubj&link=17637_24777_24729_565الانتفاع بأهب الميتة- والإهاب: هو الجلد الذي لم يدبغ، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل، وقال الجوهري: الإهاب الجلد ما لم يدبغ، والجمع: أهب- وأحاديث الدباغ: تدل على الاستمتاع بها بعد الدباغ، فلا تنافي بينهما.
وهذه الطريقة حسنة لولا أن قوله في حديث ابن عكيم : nindex.php?page=hadith&LINKID=680116كنت رخصت [ ص: 68 ] لكم في جلود الميتة فإذا أتاكم كتابي فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ، والذي كان رخص فيه هو المدبوغ، بدليل حديث nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة.
وقد يجاب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أن هذه الزيادة لم يذكرها أحد من أهل " السنن" في هذا الحديث، وإنما ذكروا قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=680116لا تنتفعوا من الميتة... الحديث ، وإنما ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء، nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة، عن الحكم، فلم يذكرا: nindex.php?page=hadith&LINKID=907096كنت رخصت لكم ، فهذه اللفظة في ثبوتها شيء.
والوجه الثاني: أن الرخصة كانت مطلقة غير مقيدة بالدباغ، وليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ذكر الدباغ، ولهذا كان ينكره، ويقول: "يستمتع بالجلد على [ ص: 69 ] كل حال"، فهذا هو الذي نهى عنه أخيرا، وأحاديث الدباغ قسم آخر، لم يتناولها النهي، وليست بناسخة ولا منسوخة، وهذه أحسن الطرق.
ولا يعارض ذلك نهيه، عن جلود السباع، فإنه نهى عن ملابستها باللبس والافتراش كما نهى، عن أكل لحومها، لما في أكلها ولبس جلودها [ق219] من المفسدة، وهذا حكم ليس بمنسوخ، ولا ناسخ أيضا، وإنما هو حكم ابتدائي رافع لحكم الاستصحاب الأصلي.
وبهذه الطريقة تأتلف السنن، وتستقر كل سنة منها في مستقرها، وبالله التوفيق.