الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            [ ص: 214 ] 23 - 12 - 2 - باب عطية الإمام ومعرفته لحق الرعية .

                                                                                            9080 عن محمد بن سوقة قال : أتيت نعيم بن أبي هند فأخرج إلي صحيفة ، فإذا فيها : من أبي عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب ، سلام عليك ، أما بعد ، فإنا عهدناك ، وأمر نفسك لك مهم فأصبحت وقد وليت أمر الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يديك الوضيع والشريف ، والعدو والصديق ، ولكل حظه من العدل ، فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر ، فإنا نحذرك يوما تعنى فيه الوجوه ، وتنقطع فيه الحجج لحجة ملك قاهر قد قهرهم بجبروته ، والخلق داخرون له يرجون رحمته ويخافون عذابه ، وإنا كنا نتحدث أن أمر هذه الأمة في آخر زمانها سيرجع إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السريرة ، وإنا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا فإنا إنما كتبنا به نصيحة لك والسلام عليك .

                                                                                            فكتب إليهما عمر رضوان الله عليهم : من عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، سلام عليكما أما بعد : أتاني كتابكما تذكران أنكما عهدتماني ، وأمر نفسي لي مهم ، فأصبحت وقد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يدي الوضيع والشريف ، والعدو والصديق ، ولكل حظه من العدل ، وكتبتما : فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر فإنه لا حول ولا قوة لعمر عند ذلك إلا بالله . وكتبتما لي تحذراني ما حذرت به الأمم قبلنا قديما وإن كان اختلاف الليل والنهار ( بآجال الناس يقربان كل بعيد ، ويأتيان بكل جديد ، ويأتيان بكل موعود ، حتى يصير الناس إلى منازلهم من الجنة والنار ) وكتبتما تحذراني أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السريرة ، ولستم بأولئك وليس هذا بزمان ذلك ، وذلك زمان تظهر فيه الرغبة والرهبة ، يكون رغبة بعض الناس إلى بعض لصلاح دنياهم . وكتبتما نعوذ بالله أن أنزل كتابكما سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما وأنكما كتبتماه نصيحة لي وقد صدقتما فلا تدعا الكتاب إلي فإنه لا غنى لي عنكما ، والسلام عليكما .

                                                                                            رواه الطبراني ، ورجاله ثقات إلى هذه الصحيفة .

                                                                                            وقد تقدمت وصية أبي بكر لعمر - رضي الله عنهما - في باب الخلفاء بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية