الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : رحمه الله ) توكيل المأذون بالخصومة له وعنه جائز مثل الحر ; لأنه من صنيع التجار ومما لا يجد التاجر منه بدا وانفكاك الحجر فيه بالإذن كانفكاك الحجر عنه بالعتق فكل ما يصح منه من هذا الباب بعد العتق فهو صحيح بعد الإذن ، وكذلك إن كان الوكيل مولاه أو بعض غرمائه أو ابنه أو ابن المدعي أو مكاتبه أو عبدا مأذونا له ; لأنه صالح للنيابة عنه في تجاراته واستيفاء حقوقه فيصلح نائبا عنه في المطالبة بحقوقه والخصومة فيها وإقرار وكيله عليه عند القاضي جائز وإن أنكر مولاه أو غرماؤه ; لأن الوكيل فيما هو من جواب الخصم قائم مقام الموكل كما في الحر وقد بينا اختلاف العلماء فيه في كتاب الوكالة فإقرار وكيل العبد ههنا في مجلس القاضي كإقرار العبد وإقرار العبد صحيح وإن كذبه مولاه وغرماؤه فكذلك إقرار وكيله وإن أقر عند غير القاضي فقدمه خصمه إلى القاضي وادعى إقراره عند غيره سأله عن ذلك فإن أقر له بذلك قبل أن يتقدم إليه ألزمه ذلك ; لأن كلامه هذا إقرار مستأنف منه في مجلس القاضي مع حكايته ما كان منه من الإقرارين في غير مجلسه فإقراره المستأنف ملزم لموكله وما كان منه من الحكاية ساقط الاعتبار .

وإن قال : أقررت به قبل أن توكلني وقال الخصم أقر به في الوكالة ألزمه القاضي ذلك باعتبار أنه إقرار مستأنف منه وسواء كان إقراره السابق قبل التوكيل أو بعده فإنما يلزمه باعتبار إقراره المستأنف في مجلسه ثم يدعي هو تاريخا سابقا في إقراره حين أسنده إلى ما قبل التوكيل وخصمه ينكر هذا التاريخ وحقيقة المعنى [ ص: 152 ] فيه أنه ينكر صحة التوكيل ; لأنه حين كان مقرا قبل التوكيل لا يصلح نائبا في الخصومة في هذه الحالة وقبوله الوكالة إقرار منه بصحتها فإذا ادعى بعد ذلك أنها لم تكن صحيحة كان مناقضا وإن صدقه خصمه في أنه أقر قبل الوكالة أخرجه القاضي من الوكالة ولم يقض بذلك الإقرار على الموكل ; لأن المناقض إذا صدقه خصمه كان قوله مقبولا منه ، وقد تصادقا على أنه لم يصر وكيلا ، وإنشاء الإقرار في مجلس القاضي ممن هو وكيل يكون ملزما للموكل وإذا تصادقا أنه لم يصر وكيلا لا يقضي القاضي على الموكل بإقراره بشيء وإن كان كلامه إنشاء الإقرار ، ولو جحد الوكيل الإقرار لم يستحلف عليه ; لأن الخصم لا يدعي لنفسه بهذا الإقرار شيئا على الوكيل إنما يزعم أنه ليس بخصم له لأنه أقر في غير مجلسه وكيف يستحلفه وهو يزعم أنه ليس بخصم له فإن أقام الخصم البينة على إقراره قبل الوكالة أو بعدما أخرجه القاضي عن الوكالة لم يجز إقراره على موكله ; لأنه يثبت إقرار من ليس بوكيل وهو بهذه البينة ثبت أنه ليس بخصم له وأن له المطالبة بإحضار الوكيل للخصومة معه فتقبل بينته عليه فيكون الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة وإنما لا يستحلف على ذلك ; لأنه لو استحلف كان في معنى النيابة عن الموكل والنيابة لا تجزئ في الاستحلاف وتجزئ في قبول البينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية