الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 259 ] وقص

                                                          وقص : الوقص ، بالتحريك : قصر العنق كأنما رد في جوف الصدر ، وقص يوقص وقصا ، وهو أوقص ، وامرأة وقصاء ، وأوقصه الله ; وقد يوصف بذلك العنق ، فيقال : عنق أوقص ، وعنق وقصاء ، حكاها اللحياني . ووقص عنقه يقصها وقصا : كسرها ودقها ، قال : ولا يكون وقصت العنق نفسها إنما هو وقصت . خالد بن جنبة : وقص البعير ، فهو موقوص إذا أصبح داؤه في ظهره لا حراك به ، وكذلك العنق والظهر في الوقص ، ويقال : وقص الرجل ، فهو موقوص ; وقول الراجز :


                                                          ما زال شيبان شديدا هبصه حتى أتاه قرنه فوقصه



                                                          قال : أراد فوقصه ، فلما وقف على الهاء نقل حركتها وهي الضمة إلى الصاد قبلها فحركها بحركتها . ووقص الدين عنقه : كذلك على المثل . وكل ما كسر ، فقد وقص . ويقال : وقصت رأسه إذا غمزته غمزا شديدا ، وربما اندقت منه العنق . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : أنه قضى في الواقصة والقامصة والقارصة بالدية أثلاثا ، وهن ثلاث جوار ركبت إحداهن الأخرى ، فقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبة فقضى للتي وقصت أي اندق عنقها بثلثي الدية على صاحبتيها . والواقصة بمعنى الموقوصة كما قالوا آشرة بمعنى مأشورة ; كما قال :

                                                          أناشر لا زالت يمينك آشره

                                                          أي مأشورة . وفي الحديث : أن رجلا كان واقفا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم فوقصت به ناقته في أخافيق جرذان فمات ; قال أبو عبيد : الوقص كسر العنق ، ومنه قيل للرجل أوقص إذا كان مائل العنق قصيرها ; ومنه يقال : وقصت الشيء إذا كسرته ; قال ابن مقبل يذكر الناقة :


                                                          فبعثتها تقص المقاصر بعدما     كربت حياة النار للمتنور



                                                          أي تدق وتكسر . والمقاصر : أصول الشجر ، الواحد مقصور . ووقصت الدابة الأكمة : كسرتها ; قال عنترة :


                                                          خطارة غب السرى موارة     تقص الإكام بذات خف ميثم



                                                          ويروى : تطس . والوقص : دقاق العيدان تلقى على النار . وقص على نارك ; قال حميد بن ثور يصف امرأة :


                                                          لا تصطلي النار إلا مجمرا أرجا     قد كسرت من يلنجوج له وقصا



                                                          ووقص على ناره : كسر عليها العيدان . قال أبو تراب : سمعت مبتكرا يقول : الوقش والوقص صغار الحطب الذي تشيع به النار . ووقصت به راحلته ، وهو كقولك : خذ الخطام وخذ بالخطام ; وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بفرس فركبه فجعل يتوقص به . الأصمعي : إذا نزا الفرس في عدوه نزوا ووثب وهو يقارب الخطو فذلك التوقص ، وقد توقص . وقال أبو عبيدة : التوقص أن يقصر عن الخبب ويزيد على العنق وينقل قوائمه نقل الخبب غير أنها أقرب قدرا إلى الأرض وهو يرمي نفسه ويخب . وفي حديث أم حرام : ركبت دابة فوقصت بها فسقطت عنها فماتت . ويقال : مر فلان تتوقص به فرسه . والدابة تذب بذنبها فتقص عنها الذباب وقصا إذا ضربته به فقتلته . والدواب إذا سارت في رءوس الإكام وقصتها أي كسرت رءوسها بقوائمها ، والفرس تقص الإكام أي تدقها . والوقص : إسكان الثاني من متفاعلن ، فيبقى متفاعلن ، وهذا بناء غير منقول فيصرف عنه إلى بناء مستعمل مقول منقول ، وهو قولهم مستفعلن ، ثم تحذف السين فيبقى متفعلن ، فينقل في التقطيع إلى مفاعلن ، وبيته أنشده الخليل :


                                                          يذب عن حريمه بسيفه     ورمحه ونبله ويحتمي



                                                          سمي بذلك لأنه بمنزلة الذي اندقت عنقه . ووقص رأسه : غمزه من سفل . وتوقص الفرس : عدا عدوا كأنه ينزو فيه . والوقص : ما بين الفريضتين من الإبل والغنم ، واحد الأوقاص في الصدقة ، والجمع أوقاص ، وبعضهم يجعل الأوقاص في البقر خاصة ، والأشناق في الإبل خاصة ، وهما جميعا ما بين الفريضتين . وفي حديث معاذ بن جبل : أنه أتي بوقص في الصدقة وهو باليمن ، فقال : لم يأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه بشيء ; قال أبو عبيد : قال أبو عمرو الشيباني الوقص ، بالتحريك ، هو ما وجبت فيه الغنم من فرائض الصدقة في الإبل ما بين الخمس إلى العشرين ; قال أبو عبيد : ولا أرى أبا عمرو حفظ هذا ; لأن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن في خمس من الإبل شاة وفي عشر شاتين إلى أربع وعشرين في كل خمس شاة ، قال : ولكن الوقص عندنا ما بين الفريضتين ، وهو ما زاد على خمس من الإبل إلى تسع ، وما زاد على عشر إلى أربع عشرة ، وكذلك ما فوق ذلك ; قال ابن بري : يقوي قول أبي عمرو ويشهد بصحته قول معاذ في الحديث إنه أتي بوقص في الصدقة يعني بغنم أخذت في صدقة الإبل ، فهذا الخبر يشهد بأنه ليس الوقص ما بين الفريضتين ; لأن ما بين الفريضتين لا شيء فيه ، وإذا كان لا زكاة فيه فكيف يسمى غنما ؟ الجوهري : الوقص نحو أن تبلغ الإبل خمسا ففيها شاة ، ولا شيء في الزيادة حتى تبلغ عشرا ، فما بين الخمس إلى العشر وقص ، وكذلك الشنق ، وبعض العلماء يجعل الوقص في البقر خاصة ، والشنق في الإبل خاصة ، قال : وهما جميعا ما بين الفريضتين . وفي حديث جابر : وكانت علي بردة فخالفت بين طرفيها ثم تواقصت عليها كي لا تسقط أي انحنيت وتقاصرت لأمسكها بعنقي . والأوقص : الذي قصرت عنقه خلقة . وواقصة : موضع ، وقيل : ماء ، وقيل : منزل بطريق مكة ، ووقيص : اسم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية