الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: قال اخرج منها مذءوما وقرأ الأعمش: " مذوما " بضم الذال [ ص: 178 ] من غير همز . قال الفراء: الذأم: الذم; يقال: ذأمت الرجل ، أذأمه ذأما; وذممته ، أذمه ذما; وذمته ، أذيمه ذيما; ويقال: رجل مذؤوم ، ومذموم ، ومذيم ، بمعنى . قال حسان بن ثابت:


                                                                                                                                                                                                                                      وأقاموا حتى أبيروا جميعا في مقام وكلهم مذؤوم



                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن قتيبة: المذؤوم: المذموم بأبلغ الذم . والمدحور: المقصى المبعد . وقال الزجاج : معنى المذؤوم كمعنى المذموم ، والمدحور: المبعد من رحمة الله . واللام من "لأملأن": لام القسم; والكلام بمعنى الشرط والجزاء ، كأنه قيل له: من تبعك ، أعذبه ، فدخلت اللام للمبالغة والتوكيد . فلام "لأملأن" هي لام القسم ، ولام لمن تبعك توطئة لها . فأما قوله: منهم فقال ابن الأنباري: الهاء والميم عائدتان على ولد آدم ، لأنه حين قال: ولقد خلقناكم ثم صورناكم [الأعراف: 11] كان مخاطبا لولد آدم ، فرجع إليهم ، فقال: لمن تبعك منهم فجعلهم غائبين ، لأن مخاطبتهم في ذا الموضع توقع لبسا; والعرب ترجع من الخطاب إلى الغيبة ، ومن الغيبة إلى الخطاب . ومن قال: ولقد خلقناكم ثم صورناكم خطاب لآدم ، قال: أعاد الهاء والميم على ولده ، لأن ذكره يكفي من ذكرهم; والعرب تكتفي بذكر الوالد من ذكر الأولاد إذا انكشف المعنى وزال اللبس . قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      أرى الخطفي بذ الفرزدق شعره     ولكن خيرا من كليب مجاشع



                                                                                                                                                                                                                                      أراد: أرى ابن الخطفي ، فاكتفى بالخطفي من ابنه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لأملأن جهنم منكم يعني أولاد آدم المخالفين وقرناءهم من الشياطين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية