الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2109 ( باب قتل الخنزير )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان قتل الخنزير هل هو مشروع كما شرع تحريم أكله ، أي : مشروع ، والجمهور على جواز قتله مطلقا ، إلا ما روي شاذا من بعض الشافعية ، أنه يترك الخنزير إذا لم يكن فيه ضراوة ، وقال ابن التين : ومذهب الجمهور أنه إذا وجد الخنزير في دار الكفر وغيرها ، وتمكنا من قتله قتلناه .

                                                                                                                                                                                  قلت : ينبغي أن يستثنى خنزير أهل الذمة ; لأنه مال عندهم ، ونحن نهينا عن التعرض إلى أموالهم ، فإن قلت : يأتي عن قريب أن عيسى - عليه السلام - حين ينزل يقتل الخنزير مطلقا ، قلت : يقتل الخنزير بعد قتل أهله ، كما أنه يكسر الصليب ; لأنه ينزل ويحمل الناس كلهم على الإسلام لتقرير شريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا جاز قتل أهل الكفر حينئذ سواء كانوا من أهل الذمة أو من أهل الحرب ، فقتل خنزيرهم وكسر صليبهم بطريق الأولى والأحق ، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - يضع الجزية يعني يرفعها ; لأن الناس كلهم يسلمون ، فمن لم يدخل في الإسلام يقتله ، فلا يبقى وجه لأخذ الجزية ; لأن الجزية إنما تؤخذ في هذه الأيام لتصرف في مصالح المسلمين منها دفع أعدائهم ، وفي زمن عيسى - عليه الصلاة والسلام - لا يبقى عدو للدين ; لأن الناس كلهم مسلمون ، ويفيض المال بينهم ، فلا يحتاج أحد إلى شيء من الجزية لارتفاعها بذهاب أهلها .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : ما وجه دخول هذا الباب في أبواب البيوع ؟ قلت : كأن البخاري فهم أن كل ما حرم ولم يجز بيعه يجوز قتله فالخنزير حرم الشارع بيعه كما في حديث جابر الآتي ، فجاز قتله ، فمن هذه الحيثية أدخل هذا الباب في أبواب البيوع ، وقال بعضهم : ووجه دخوله في أبواب البيع الإشارة إلى أن ما أمر بقتله لا يجوز بيعه ، قلت : فيه نظر من وجهين : أحدهما أنه يحتاج إلى بيان الموضع الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل الخنزير ، وتحريم بيعه لا يستلزم جواز قتله ، والآخر أن قوله : ما أمر بقتله لا يجوز بيعه ليس بكلي ، فإن الشارع أمر بقتل الحيات صريحا ، مع أن جماعة من العلماء منهم أبو الليث قالوا : يجوز بيع الحيات إذا كانت ينتفع بها للأدوية .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية