الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ولع

                                                          ولع : الولوع : العلاقة من أولعت ، وكذلك الوزوع من أوزعت ، وهما اسمان أقيما مقام المصدر الحقيقي ، ولع به ولعا ، وولوعا الاسم والمصدر جميعا ، بالفتح ، فهو ولع وولوع ولاعة . وأولع به ولوعا وإيلاعا إذا لج . وأولعه به : أغراه . وفي الحديث : أولعت قريشا بعمار أي صيرتهم يولعون به ; قال جرير :


                                                          فأولع بالعفاس بني نمير كما أولعت بالدبر الغرابا



                                                          وهو مولع به ، بفتح اللام ، أي مغرى به . والولع : نفس الولوع . وفي [ ص: 278 ] الحديث : أعوذ بك من الشر ولوعا ; ومنه الحديث : أنه كان مولعا بالسواك . وقال عرام : يقال بفلان من حب فلانة الأولع والأولق ، وهو شبه الجنون . وايتلعت فلانة قلبي ، وفلان موتلع القلب . وموتله القلب ، ومتله القلب ، ومنتزع القلب ، بمعنى واحد . ويقال : ولع فلان بفلان يولع به إذا لج في أمره وحرص على إيذائه . وقال اللحياني : ولع يلع أي استخف ; وأنشد :


                                                          فتراهن على مهلته     يختلين الأرض والشاة يلع



                                                          أي يستخف عدوا ، وذكر الشاة ; وقال المازني في قوله والشاة يلع أي لا يجد في العدو فكأنه يلعب ; قال الأزهري : هو من قولهم ولع يلع إذا كذب في عدوه ولم يجد . ورجل ولعة : يولع بما لا يعنيه ، وهلعة : يجزع سريعا . وولع يلع ولعا وولعانا إذا كذب . الفراء : ولعت بالكذب تلع ولعا . والولع ، بالتسكين : الكذب ; قال كعب بن زهير :


                                                          لكنها خلة قد سيط من دمها     فجع وولع وإخلاف وتبديل



                                                          وقال ذو الإصبع العدواني :


                                                          إلا بأن تكذبا علي ولا     أملك أن تكذبا وأن تلعا



                                                          وقال آخر :


                                                          لخلابة العينين كذابة المنى     وهن من الإخلاف والولعان



                                                          أي من أهل الخلف والكذب ، وجعلهن من الإخلاف لملازمتهن له ; قال : ومثله للبعيث :


                                                          وهن من الإخلاف     قبلك والمطل



                                                          قال : ومثله لعتبة بن الوغل التغلبي :


                                                          ألا في سبيل الله تغيير لمتي     ووجهك مما في القوارير أصفرا



                                                          ويقال : ولع والع كما يقال عجب عاجب . والوالع : الكذاب ، والجمع ولعة مثل فاسق وفسقة ; وأنشد ابن بري لأبي دواد الرؤاسي :


                                                          متى يقل تنفع الأقوام قولته     إذا اضمحل حديث الكذب الولعه



                                                          ويقال : قد ولع فلان بحقي ولعا أي ذهب به . والتوليع : التلميع من البرص وغيره . وفرس مولع : تلميعه مستطيل وهو الذي في بياض بلقه استطالة وتفرق ، أنشد ابن بري لابن الرقاع يصف حمار وحش :


                                                          مولع بسواد في أسافله     منه اكتسى وبلون مثله اكتحلا



                                                          والمولع : كالملمع إلا أن التوليع استطالة البلق ; قال رؤبة :


                                                          فيها خطوط من سواد     وبلق كأنه في الجلد توليع البهق



                                                          قال أبو عبيدة : قلت لرؤبة إن كانت الخطوط فقل كأنها ، وإن كان سواد وبياض فقل كأنهما ، فقال :


                                                          كأن ذا ويلك توليع البهق



                                                          قال ابن بري : ورواية الأصمعي كأنها أي كأن الخطوط ، وقال الأصمعي : فإذا كان في الدابة ضروب من الألوان من غير بلق ، فذلك التوليع . يقال : برذون مولع ، وكذلك الشاة والبقرة الوحشية والظبية ; قال أبو ذؤيب :


                                                          مولعة بالطرتين دنا لها     جنى أيكة تضفو عليها قصارها



                                                          وقال أيضا :


                                                          ينهسنه ويذودهن ويحتمي     عبل الشوى بالطرتين مولع



                                                          أي مولع في طرتيه . ورجل مولع : أبرص ; وأنشد أيضا :


                                                          كأنها في الجلد توليع البهق



                                                          ويقال : ولع الله جسده أي برصه . والوليع : الطلع ، وقيل : الطلع ما دام في قيقائه كأنه نظم اللؤلؤ في شدة بياضه ، وقيل طلع الفحال ، وقيل : هو الطلع قبل أن يتفتح ; قال ابن بري : شاهده قول الشاعر يصف ثغر امرأة :


                                                          وتبسم عن نير كالوليع     تشقق عنه الرقاة الجفوفا



                                                          قال : الرقاة جمع راق ، وهم الذين يرقون إلى النخل ، والجفوف جمع جف ، وهو وعاء الطلع . وقال أبو حنيفة : الوليع ما دام في الطلعة أبيض . وقال ثعلب : الوليع ما في جوف الطلعة ، واحدته وليعة .

                                                          ووليعة : اسم رجل ، وهو من ذلك . وبنو وليعة : حي من كندة ; وأنشد ابن بري لعلي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب :

                                                          أبي العباس قرم بني قصي وأخوالي الملوك بنو وليعه هم منعوا ذماري يوم جاءت كتائب مسرف وبنو اللكيعه وكندة معدن للملك قدما يزين فعالهم عظم الدسيعه

                                                          وأخذ ثوبي وما أدري ما والعته وما ولع به أي ذهب به . وفقدنا غلاما لنا ما أدري ما ولعه أي ما حبسه ، وما أدري ما والعته بمعناه أيضا . قال الأزهري : يقال ولع فلانا والع وولعته والعة ، واتلعته والعة أي خفي علي أمره فلا أدري أحي أم ميت ، وإنك لا تدري بمن يولع هرمك ; حكاه يعقوب . ووليعة : قبيلة ; وقول الجموح الهذلي :


                                                          تمنى ولم أقذف لديه مجربا     لقائل سوء يستجير الولائعا



                                                          إنما أراد الوليعتين ، فجمعه على حد المهالب والمناذر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية