الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 1908 ] كتاب النكاح الثاني

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ب) نسخة برلين رقم (3144)

                                                                                                                                                                                        2 - (ت) نسخة تازة رقم (235 & 243)

                                                                                                                                                                                        3 - (ح) نسخة الحسنية رقم (12929)

                                                                                                                                                                                        4 - (ش 1) نسخة الشيخ أباه - النباغية (شنقيط) [ ص: 1909 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 1910 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 1911 ]

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما

                                                                                                                                                                                        كتاب النكاح الثاني

                                                                                                                                                                                        باب في النكاح والبيع في عقد واحد

                                                                                                                                                                                        واختلف في ذلك على أربعة أقوال: فمنعه مالك وابن القاسم في المدونة ، وأجازه عبد الملك في كتاب محمد ، إذا كان الباقي بعد البيع ربع دينار فصاعدا بأمر لا شك فيه . وكرهه في ثمانية أبي زيد ابتداء وأمضاه إذا نزل، وكان الثمن كثيرا وفيه فضل بائن عن البيع.

                                                                                                                                                                                        وذكر أبو محمد عبد الوهاب عن أشهب أنه أجاز النكاح، والبيع جملة من غير اعتبار بفضل كالسلعتين . وقال مالك في المبسوط: يفسخ قبل ويثبت بعد ولها صداق المثل. وقال في موضع آخر في امرأة تزوجت على عبد، وزادته خمسين دينارا، ثم طلقها قبل الدخول، قال: يقوم العبد، فإن كان فيه فضل عن الخمسين ردت نصف الفضل . [ ص: 1912 ]

                                                                                                                                                                                        فأجازه، وجعل الزائد على البيع للنكاح كالمواضح.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يمنع ذلك ابتداء; حماية وخوف الذريعة إلى طرح الصداق; لأن كثيرا من النساء ترغب في الرجل، فتعطيه ليتزوجها إما لجماله أو ليساره، أو لأنه فوق قدرها، أو لتعذر الزوج. فإن نزل ذلك، وكان فيما دفع فضل بين خارج عن التغابن، لم يفسخ; لأن منع ذلك النكاح، والبيع في عقد لم تأت فيه آية، ولا سنة، ولا إجماع، ولا وجه لتعليل المنع لأن النكاح أصل لا تجوز فيه الهبة; لأن هذا عقد على وجه المعاوضة، ولا للتعليل بجهل الصداق; لأن الملك لواحد، وإنما يراعى الجهل في القبض إذا جمع الرجلان ملكيهما في البيع، ولا للقول إنه موقوف على الاختيار هل للنكاح صداق، لأنهما دخلا على البت وهما لا يعلمان أن في عقدهما تعقبا، وإنما يختبره من يحتسب فيه. وإذا صح العقد ثم استحق المبيع، أو وجد به عيب; كان القبض على قيمة المبيع وقيمة صداق المثل، كما قال أشهب ; لأنه إذا سلم العقد من الفساد; كان القبض على الأصل في المبيعين في عقد هذا إذا كان الثمن الذي دفعه الزوج مقاربا لقيمة المبيع والصداق وإن كان الثمن أقل بالشيء الكثير; جعل الفاضل للصداق، كما قال مالك ، لما تقدم أن المرأة قد ترغب في الرجل، فلا تبالي أن لا تأخذ شيئا، وقد يقصد بجمع النكاح إلى البيع; لئلا يظهر أنها بخست في صداقها.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا كان في الذي دفع الزوج فضل بين عن البيع، وصداق المثل خص به النكاح; لأن كثيرا مما يزيد في الصداق ويضعف فيه، لما جعل الله [ ص: 1913 ] سبحانه في ذلك من شهوة النفس ، ولا يزيد مثل ذلك في البيع. وإن لم يكن فضل عن البيع، فسخ قبل وثبت بعد، وكان لها صداق المثل وفوت النكاح، إذا كان هو الأكثر- فوت للسلعة. وإن كانت قائمة وليس فوت السلعة وإن كان الجل فوتا للنكاح، إذا لم يكن دخول; لأن النكاح مقصود في نفسه، وإن كان تبعا فليس يتزوج لمكان البيع ويصح أن يشتري لمكان النكاح.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في العتبية، فيمن تزوج امرأة على إن أعطاه أبوها دارا جاز، وكذلك إن قال: تزوجتها بهذه الدار تكون صداقها، أو أعينك في تزويجها، ذلك جائز. وإن قال: تزوج ابنتي بخمسين دينارا ، على أن أعطيك هذه الدار، لم يجز، وكان ذلك نكاحا وبيعا . والفرق بين السؤالين، أنه في المسألة الأولى، ملك العطية قبل النكاح، ثم هو يتزوجها في ثاني حال بما يتراضيان عليه. وفي المسألة الثانية، انعقد الجميع عقدا واحدا. والقياس أنهما سواء; لأن العطية إذا تقدمت ليتزوج ثم لم يتزوج ، ارتجعها منه فصار كالعقد الواحد.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية