الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
كتم : روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " : عن nindex.php?page=showalam&ids=13585عثمان بن عبد الله بن موهب ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=16002971دخلنا على nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها ، فأخرجت إلينا شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو مخضوب بالحناء والكتم .
وفي " السنن الأربعة " : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=16002972إن nindex.php?page=treesubj&link=17363_17535_17534أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم ) .
وفي " الصحيحين " : عن أنس رضي الله عنه ، أن أبا بكر رضي الله عنه اختضب بالحناء والكتم .
[ ص: 336 ] وفي " سنن أبي داود " : عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=16002973مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء ، فقال ما أحسن هذا ؟ فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم ، فقال : " هذا أحسن من هذا " فمر آخر قد خضب بالصفرة ، فقال : " هذا أحسن من هذا كله " ) .
قال الغافقي : الكتم نبت ينبت بالسهول ، ورقه قريب من ورق الزيتون ، يعلو فوق القامة ، وله ثمر قدر حب الفلفل ، في داخله نوى ، إذا رضخ اسود ، وإذا استخرجت عصارة ورقه ، وشرب منها قدر أوقية ، قيأ قيئا شديدا ، وينفع عن عضة الكلب ، وأصله إذا طبخ بالماء كان منه مداد يكتب به .
وقال الكندي : بزر الكتم إذا اكتحل به ، حلل الماء النازل في العين وأبرأها .
وقد ظن بعض الناس أن الكتم هو الوسمة ، وهي ورق النيل ، وهذا وهم ، فإن الوسمة غير الكتم . قال صاحب " الصحاح " : الكتم بالتحريك : نبت يخلط بالوسمة يختضب به ، قيل : والوسمة نبات له ورق طويل يضرب لونه إلى الزرقة أكبر من ورق الخلاف ، يشبه ورق اللوبيا ، وأكبر منه ، يؤتى به من الحجاز واليمن .
فإن قيل : قد ثبت في " الصحيح " عن أنس رضي الله عنه ، أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=16002974لم يختضب النبي صلى الله عليه وسلم .
قيل : قد أجاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن هذا ، وقال : قد شهد به غير أنس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم أنه خضب ، وليس من شهد بمنزلة من لم يشهد ، [ ص: 337 ] فأحمد أثبت خضاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعه جماعة من المحدثين ، ومالك أنكره .
فإن قيل : فقد ثبت في " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " النهي عن nindex.php?page=treesubj&link=17537الخضاب بالسواد في شأن أبي قحافة لما أتي به ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا ، فقال : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=16002975غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد ) .
والكتم يسود الشعر .
فالجواب من وجهين ، أحدهما : أن النهي عن التسويد البحت ، فأما إذا أضيف إلى الحناء شيء آخر ، كالكتم ونحوه ، فلا بأس به ، فإن الكتم والحناء يجعل الشعر بين الأحمر والأسود بخلاف الوسمة ، فإنها تجعله أسود فاحما ، وهذا أصح الجوابين .
الجواب الثاني : أن الخضاب بالسواد المنهي عنه خضاب التدليس ، كخضاب شعر الجارية ، والمرأة الكبيرة تغر الزوج ، والسيد بذلك ، وخضاب الشيخ يغر المرأة بذلك ، فإنه من الغش والخداع ، فأما إذا لم يتضمن تدليسا ولا خداعا ، فقد صح عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما كانا يخضبان بالسواد ، ذكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عنهما في كتاب " تهذيب الآثار " وذكره عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، nindex.php?page=showalam&ids=166وعبد الله بن جعفر ، nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص ، nindex.php?page=showalam&ids=27وعقبة بن عامر ، nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة ، nindex.php?page=showalam&ids=97وجرير بن عبد الله ، nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، وحكاه عن جماعة من التابعين : منهم nindex.php?page=showalam&ids=16713عمرو بن عثمان ، nindex.php?page=showalam&ids=16629وعلي بن عبد الله بن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، nindex.php?page=showalam&ids=16333وعبد الرحمن بن الأسود ، nindex.php?page=showalam&ids=17176وموسى بن طلحة ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، وأيوب ، وإسماعيل بن معدي كرب .
وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي عن nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار ، ويزيد ، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ، وأبي يوسف ، وأبي إسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ، nindex.php?page=showalam&ids=15939وزياد بن علاقة ، وغيلان بن جامع [ ص: 338 ] nindex.php?page=showalam&ids=17193ونافع بن جبير ، وعمرو بن علي المقدمي ، nindex.php?page=showalam&ids=12074والقاسم بن سلام .