الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 426 ] 919 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المراد بقول الله عز وجل : ذلك أدنى ألا تعولوا .

5730 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم - يعني دحيما - حدثنا محمد بن شعيب بن شابور ، عن عمر بن محمد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ذلك أدنى ألا تعولوا قال : لا تجوروا .

[ ص: 427 ] [ ص: 428 ] ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث إلا من هذا الوجه وهو وجه محمود ، لأن عمر بن محمد الذي دار عليه معه من الجلالة ما لا خفاء به عند أهل العلم ، وقد حدث عنه مالك وغير واحد من أمثاله ، وما حدث ابن وهب عن أحد من أهل المدينة أجل منه ، وهو عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب .

وقد روينا عن ابن عباس في تأويلها أيضا هذا القول بعينه في الباب الذي قبل هذا الباب ، وهذا مما لا يقال بالرأي ، وإنما يقال بالتوقيف .

وقد روي عن ابن عباس من وجه آخر .

كما قد حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا أبو عمر الحوضي ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن عطاء - يعني ابن السائب - ، عن عامر ، عن ابن عباس : ذلك أدنى ألا تعولوا قال : لا تميلوا .

[ ص: 429 ] ولا نعلمه روي عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأويلها غير هذا القول .

وقد روي عن غير واحد من التابعين في تأويلها مثل ذلك أيضا .

كما حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد بن زيد ، عن الزبير بن الخريت ، عن عكرمة في هذه الآية : ذلك أدنى ألا تعولوا قال : ألا تميلوا ، قال : وأنشدنا بيتا من شعر زعم أن أبا طالب قاله :

بميزان قسط لا يخس شعيرة وميزان صدق وزنه غير عائل

.

[ ص: 430 ]

وكما حدثنا يوسف بن يزيد ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم : ذلك أدنى ألا تعولوا " قال : لا تميلوا .

وكما حدثنا يوسف ، حدثنا سعيد ، حدثنا هشيم ، أخبرنا حصين ، عن أبي مالك ، مثله .

[ ص: 431 ] ولا نعلم أحدا من التابعين روي عنه في تأويلها غير هذا التأويل غير زيد بن أسلم ، فإنه روي عنه في تأويلها أن ذلك على أن لا يكثر عيالهم ، وهذا قول يزعم أهل اللغة : أنه قول فاسد ، وأنه لو كان على ما قال زيد في تأويلها لكان : " ألا تعيلوا " ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية