الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وهن

                                                          وهن : الوهن : الضعف في العمل والأمر ، وكذلك في العظم ونحوه . وفي التنزيل العزيز : حملته أمه وهنا على وهن ; جاء في تفسيره ضعفا على ضعف أي لزمها بحملها إياه أن تضعف مرة بعد مرة ، وقيل : وهنا على وهن أي جهدا على جهد ، والوهن لغة فيه ; قال الشاعر :


                                                          وما إن بعظم له من وهن



                                                          وقد وهن ووهن ، بالكسر يهن فيهما ، أي ضعف ، ووهنه هو وأوهنه ; قال جرير :


                                                          وهن الفرزدق يوم جرد سيفه     قين به حمم وآم أربع



                                                          وقال :

                                                          [ ص: 293 ]

                                                          فلئن عفوت لأعفون جللا     ولئن سطوت لأوهنن عظمي



                                                          ورجل واهن في الأمر والعمل وموهون في العظم والبدن ، وقد وهن العظم يهن وهنا وأوهنه يوهنه ووهنته توهينا . وفي حديث الطواف : وقد وهنتهم حمى يثرب أي أضعفتهم . وفي حديث علي - عليه السلام - : ولا واهنا في عزم أي ضعيفا في رأي ، ويروى بالياء : ولا واهيا في عزم . ورجل واهن : ضعيف لا بطش عنده ، والأنثى واهنة ، وهن وهن ; قال قعنب بن أم صاحب :


                                                          اللائمات الفتى في عمره سفها     وهن بعد ضيفات القوى وهن



                                                          قال : وقد يجوز أن يكون وهن جمع وهون ; لأن تكسير فعول على فعل أشيع وأوسع من تكسير فاعلة عليه ، وإنما فاعلة وفعل نادر ، ورجل موهون في جسمه . وامرأة وهنانة : فيها فتور عند القيام وأناة . وقوله - عز وجل - : فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ; أي ما فتروا وما جبنوا عن قتال عدوهم . ويقال للطائر إذا أثقل من أكل الجيف فلم يقدر على النهوض : قد توهن توهنا ; قال الجعدي :


                                                          توهن فيه المضرحية بعدما     رأين نجيعا من دم الجوف أحمرا



                                                          والمضرحية : النسور ها هنا . أبو عمرو : الوهنانة من النساء الكسلى عن العمل تنعما . أبو عبيد : الوهنانة التي فيها فترة . الجوهري : وهن الإنسان ووهنه غيره ، يتعدى ولا يتعدى . والوهن من الإبل : الكثيف . والواهنة : ريح تأخذ في المنكبين ، وقيل : في الأخدعين عند الكبر . والواهن : عرق مستبطن حبل العاتق إلى الكتف ، وربما وجع صاحبه وعرته الواهنة ، فيقال : هني يا واهنة ، اسكني يا واهنة ! ويقال للذي أصابه وجع الواهنة موهون وقد ، وهن ; قال طرفة :


                                                          وإذا تلسنني ألسنها     إنني لست بموهون فقر


                                                          يقال : أوهنه الله ، فهو موهون ، كما يقال : أحمه الله ، فهو محموم ، وأزكمه ، فهو مزكوم . النضر : الواهنتان عظمان في ترقوة البعير ، والترقوة من البعير الواهنة . ويقال : إنه لشديد الواهنتين أي شديد الصدر والمقدم ، وتسمى الواهنة من البعير الناحرة لأنها ربما نحرت البعير بأن يصرع عليها فينكسر ، فينحر البعير ولا تدرك ذكاته ، ولذلك سميت ناحرة . ويقال : كويناه من الواهنة ، والواهنة : الوجع نفسه ، وإذا ضرب عليه عرق في رأس منكبه ، قيل : به واهنة ، وإنه ليشتكي واهنته . والواهنتان : أطراف العلباءين في فأس القفا من جانبيه ، وقيل : هما ضلعان في أصل العنق من كل جانب واهنة ، وهما أول جوانح الزور ، وقيل : الواهنة القصيرى ، وقيل : هي فقرة في القفا . قال أبو الهيثم : التي من الواهنة القصيرى ، وهي أعلى الأضلاع عند الترقوة ; وأنشد :


                                                          ليست به واهنة ولا نسا



                                                          وفي الصحاح : الواهنة القصيرى ، وهي أسفل الأضلاع . والواهنتان من الفرس : أول جوانح الصدر . والواهنة : العضد . والواهنة : الوهن والضعف ، يكون مصدرا كالعافية ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          في منكبيه وفي الأرساغ واهنة     وفي مفاصله غمز من العسم



                                                          الأشجعي : الواهنة مرض يأخذ في عضد الرجل فتضربها جارية بكر بيدها سبع مرات ، وربما علق عليها جنس من الخرز يقال له خرز الواهنة ، وربما ضربها الغلام ، ويقول : يا واهنة تحولي بالجارية ; وهي التي لا تأخذ النساء إنما تأخذ الرجال . وروى الأزهري عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن رجلا دخل عليه وفي عضده حلقة من صفر ، وفي رواية : خاتم من صفر ، فقال : ما هذا الخاتم ؟ فقال : هذا من الواهنة فقال : أما إنها لا تزيدك إلا وهنا . وقال خالد بن جنبة : الواهنة عرق يأخذ في المنكب وفي اليد كلها فيرقى منها ، وهي داء يأخذ الرجال دون النساء ، وإنما نهاه - صلى الله عليه وسلم - عنها لأنه إنما اتخذها على أنها تعصمه من الألم فكانت عنده في معنى التمائم المنهي عنها . وروى الأزهري أيضا عن عمران بن حصين قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عضدي حلقة من صفر فقال : ما هذه ؟ فقلت : هي من الواهنة ، فقال : أيسرك أن توكل إليها ؟ انبذها عنك . أبو نصر قال : عرق الواهنة في العضد الفليق ، وهو عرق يجري إلى نغض الكتف ، وهي وجع يقع في العضد ، ويقال له أيضا الجائف . ويقال : كان وكان وهن بذي هنات إذا قال كلاما باطلا يتعلل فيه . وفي حديث أبي الأحوص الجشمي : وتهن هذه من حديث سنذكره في ( ه ن ا ) ، وإنما ذكر الهروي عن الأزهري أنه أنكر هذه اللفظة ، بالتشديد ، وقال : إنما هو وتهن هذه أي تضعفه ، من وهنته فهو موهون ، وسنذكره . والوهن والموهن : نحو من نصف الليل ، وقيل : هو بعد ساعة منه ، وقيل : هو حين يدبر الليل ، وقيل : الوهن ساعة تمضي من الليل . وأوهن الرجل : صار في ذلك الوقت . ويقال : لقيته موهنا أي بعد وهن . والوهين : بلغة من يلي مصر من العرب ، وفي التهذيب : بلغة أهل مصر ، الرجل يكون مع الأجير في العمل يحثه على العمل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية