الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ويح

                                                          ويح : ويح : كلمة تقال رحمة ، وكذلك ويحما ; قال حميد بن ثور :


                                                          ألا هيما مما لقيت وهيما [ ص: 295 ] وويح لمن لم يدر ما هن ويحما



                                                          الليث : ويح يقال إنه رحمة لمن تنزل به بلية ، وربما جعل مع ما كلمة واحدة ، وقيل ويحما . وويح : كلمة ترحم وتوجع ، وقد يقال بمعنى المدح والعجب ، وهي منصوبة على المصدر ، وقد ترفع وتضاف ولا تضاف ; يقال : ويح زيد وويحا له ، وويح له ! الجوهري : ويح كلمة رحمة ، وويل كلمة عذاب ; وقيل : هما بمعنى واحد ، وهما مرفوعتان بالابتداء ; يقال : ويح لزيد وويل لزيد ، ولك أن تقول : ويحا لزيد وويلا لزيد ، فتنصبهما بإضمار فعل ، وكأنك قلت ألزمه الله ويحا وويلا ونحو ذلك ; ولك أن تقول ويحك وويح زيد ، وويلك وويل زيد; بالإضافة فتنصبهما أيضا بإضمار فعل ; وأما قوله : فتعسا لهم ، بعدا لثمود ; وما أشبه ذلك فهو منصوب أبدا ، لأنه لا تصح إضافته بغير لام ، لأنك لو قلت فتعسهم أو بعدهم لم يصلح فلذلك افترقا . الأصمعي : الويل قبوح ، والويح ترحم ، وويس تصغيرها أي هي دونها . أبو زيد : الويل هلكة ، والويح قبوح ، والويس ترحم . سيبويه : الويل يقال لمن وقع في الهلكة ، والويح زجر لمن أشرف على الهلكة ، ولم يذكر في الويس شيئا . ابن الفرج : الويح والويل والويس واحد . ابن سيده : ويحه كويله ، وقيل : ويح تقبيح . قال ابن جني : امتنعوا من استعمال فعل الويح ; لأن القياس نفاه ومنع منه ، وذلك لأنه لو صرف الفعل من ذلك لوجب اعتلال فائه كوعد ، وعينه كباع ، فتحاموا استعماله لما كان يعقب من اجتماع إعلالين ، قال : ولا أدري أأدخل الألف واللام على الويح سماعا أم تبسطا وإدلالا ؟ الخليل : ويس كلمة في موضع رأفة واستملاح ، كقولك للصبي : ويحه ما أملحه ! وويسه ما أملحه ! نصر النحوي قال : سمعت بعض من يتنطع بقول الويح رحمة ; قال : وليس بينه وبين الويل فرقان إلا أنه كأنه ألين قليلا ، قال : ومن قال هو رحمة ! يعني أن تكون العرب تقول لمن ترحمه : ويحه ، رثاية له . وجاء عن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعمار : ويحك يا ابن سمية بؤسا لك ! تقتلك الفئة الباغية . الأزهري : وقد قال أكثر أهل اللغة إن الويل كلمة تقال لكل من وقع في هلكة وعذاب ، والفرق بين ويح وويل أن ويلا تقال لمن وقع في هلكة أو بلية لا يترحم عليه ، وويحا تقال لكل من وقع في بلية يرحم ويدعى له بالتخلص منها ، ألا ترى أن الويل في القرآن لمستحقي العذاب بجرائمهم : ويل لكل همزة ! ( ويل للذين لا يؤتون الزكاة ) ! ويل للمطففين ! وما أشبهها ؟ ما جاء ويل إلا لأهل الجرائم ، وأما ويح فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالها لعمار الفاضل كأنه أعلم ما يبتلى به من القتل ، فتوجع له وترحم عليه ! قال : وأصل ويح وويس وويل كلمة كله عندي ( وي ) وصلت بحاء مرة وبسين مرة وبلام مرة . قال سيبويه : سألت الخليل عنها فزعم أن كل من ندم فأظهر ندامته قال وي ، ومعناها التنديم والتنبيه . ابن كيسان : إذا قالوا له : ويل له ، وويح له ، وويس له ، فالكلام فيهن الرفع على الابتداء واللام في موضع الخبر ، فإن حذفت اللام لم يكن إلا النصب كقوله ويحه وويسه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية