الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب

                                                                                                                                                                                                [ ص: 222 ] فلما رأت الملائكة ما لقي لوط من الكرب، قالوا: يا لوط، إن ركنك لشديد، إنا رسل ربك لن يصلوا إليك : فافتح الباب ودعنا وإياهم، ففتح الباب فدخلوا، فاستأذن جبريل -عليه السلام- ربه في عقوبتهم، فأذن له، فقام في الصورة التي يكون فيها فنشر جناحه -وله جناحان وعليه وشاح من در منظوم، وهو براق الثنايا- فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم فأعماهم، كما قال الله تعالى: فطمسنا أعينهم [القمر: 37] ، فصاروا لا يعرفون الطريق، فخرجوا وهم يقولون: النجاة النجاة، فإن في بيت لوط قوما سحرة، لن يصلوا إليك : جملة موضحة للتي قبلها; لأنهم إذا كانوا رسل الله لم يصلوا إليه، ولم يقدروا على ضرره، قرئ: "فأسر" بالقطع والوصل، و إلا امرأتك : بالرفع والنصب، وروي أنه قال لهم: متى موعد هلاكهم ؟ قالوا: الصبح، فقال: أريد أسرع من ذلك، فقالوا: أليس الصبح بقريب ، وقرئ: "الصبح" بضمتين .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: ما وجه قراءة من قرأ: "إلا امرأتك" بالنصب ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: استثناها من قوله: "فأسر بأهلك"; والدليل عليه قراءة عبد الله : "فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك" . ويجوز أن ينتصب عن لا يلتفت، على أصل الاستثناء، وإن كان الفصيح هو البدل، أعني قراءة من قرأ بالرفع، فأبدلها عن أحد، وفي إخراجها مع أهله روايتان: روي أنه أخرجها معهم، وأمر ألا يلتفت منهم أحد إلا هي، فلما سمعت هدة العذاب التفتت، وقالت: يا قوماه، فأدركها حجر فقتلها، وروي أنه أمر بأن يخلفها مع قومها، فإن هواها إليهم، فلم يسر بها، واختلاف القراءتين; لاختلاف الروايتين .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية