الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب حكم الإمام إذا ذكر أنه محدث أو خرج لحدث سبقه أو غير ذلك

                                                                                                                                            1106 - ( عن أبي بكرة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم استفتح الصلاة فكبر ثم أومأ إليهم أن مكانكم ، ثم دخل ، ثم خرج ورأسه يقطر فصلى بهم ، فلما قضى الصلاة قال : إنما أنا بشر مثلكم وإني كنت جنبا } رواه أحمد وأبو داود ، وقال : رواه أيوب وابن عون وهشام عن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم : " فكبر ثم أومأ إلى القوم أن اجلسوا ، وذهب فاغتسل " ) .

                                                                                                                                            1107 - ( وعن عمرو بن ميمون قال : إني لقائم ما بيني وبين عمر غداة أصيب إلا عبد الله بن عباس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول : قتلني أو أكلني الكلب ، حين طعنه ، وتناول عمر عبد الرحمن بن عوف فقدمه فصلى بهم صلاة خفيفة . مختصر من البخاري ) .

                                                                                                                                            1108 - ( وعن أبي رزين قال : صلى علي رضي الله تعالى عنه ذات يوم فرعف ، فأخذ بيد رجل فقدمه ثم انصرف . رواه سعيد في سننه . وقال أحمد بن حنبل : إن استخلف الإمام فقد استخلف عمر وعلي ، وإن صلوا وحدانا فقد طعن معاوية وصلى الناس وحدانا من حيث طعن أتموا صلاتهم ) .

                                                                                                                                            [ ص: 209 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            [ ص: 209 ] حديث أبي بكرة قال الحافظ : اختلف في وصله وإرساله . وفي الباب عن أنس عند الدارقطني ، واختلف في وصله وإرساله كما اختلف في وصل حديث أبي بكرة وإرساله . وعن علي عند أحمد والبزار والطبراني في الأوسط وفيه ابن لهيعة . وعن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا عند أبي داود ومالك . وعن أبي هريرة عند ابن ماجه قال الحافظ : وفي إسناده نظر وعن محمد بن سيرين عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا عند أبي داود كما ذكر المصنف . والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة بألفاظ ليس فيها ذكر أن ذلك كان بعد الدخول في الصلاة ، وفي بعضها التصريح بأن ذلك كان قبل التكبير كما تقدم قال في الفتح : يمكن الجمع بين رواية الصحيحين وغيرهما بأن يحمل قوله : " فكبر " في رواية أبي داود وغيره على : أراد أن يكبر أو بأنهما واقعتان كما تقدم عن ابن حبان ، وذكره أيضا القاضي عياض والقرطبي . وقال النووي : إنه الأظهر فإن ثبت ذلك وإلا فما في الصحيحين أصح . قوله : ( ثم أومأ ) أي أشار ، ورواية البخاري : " فقال لنا " ، فتحمل رواية البخاري على إطلاق القول على الفعل . ويمكن أن يكون جمع بين الكلام والإشارة . قوله : ( أن مكانكم ) منصوب بفعل محذوف هو وفاعله ، والتقدير : الزموا مكانكم

                                                                                                                                            قوله : ( ورأسه يقطر ) أي من ماء الغسل . قوله : ( فصلى بهم ) في رواية للبخاري : " فصلينا معه " وفيه جواز التخلل الكثير بين الإقامة والدخول في الصلاة . قوله : ( إنما أنا بشر ) قد تقدم الكلام على مثل هذا الحصر . قوله : ( وإني كنت جنبا ) فيه دليل على جواز اتصافه صلى الله عليه وسلم بالجنابة وعلى صدور النسيان منه قوله : ( عن محمد ) هو ابن سيرين قوله : ( أن اجلسوا ) هذا يدل على أنهم قد كانوا اصطفوا للصلاة قياما ، وقد صرح بذلك البخاري عن أبي هريرة ، ولفظه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف " قوله : ( وذهب ) في رواية لأبي داود : " فذهب "

                                                                                                                                            وللنسائي : " ثم رجع إلى بيته " قوله : ( فقدمه فصلى بهم ) سيأتي حديث عمر مطولا في كتاب الوصايا ، ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى ، وفيه جواز الاستخلاف للإمام عند عروض عذر يقتضي ذلك لتقرير الصحابة لعمر على ذلك ، وعدم الإنكار من أحد منهم فكان إجماعا ، وكذلك فعل علي وتقريرهم له على ذلك ، وإلى ذلك ذهبت العترة وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي ومالك وفي قول للشافعي : أنه لا يجوز ، واستدل له في البحر بتركه صلى الله عليه وسلم الاستخلاف لما ذكر أنه جنب

                                                                                                                                            وأجاب عن ذلك بأنه فعل ذلك ليدل على جواز الترك أو ذكر قبل دخولهم في الصلاة ، قال : ولا قائل بهذا إلا الشافعي انتهى . وذهب أحمد بن حنبل إلى التخيير كما روى عنه المصنف رحمه الله تعالى .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية