الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم قال الزجاج : أضمر: "فأطيعوهم" وقد سبق معنى "إما" في سورة البقرة (البقرة:38); والباقي ظاهر إلى قوله: ينالهم نصيبهم من الكتاب ففي معناه سبعة أقوال . [ ص: 193 ] أحدها: ما قدر لهم من خير وشر ، رواه مجاهد عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: نصيبهم من الأعمال ، فيجزون عليها ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: ما كتب عليهم من الضلالة والهدى ، قاله الحسن . وقال مجاهد ، وابن جبير: من السعادة والشقاوة .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: ما كتب لهم من الأرزاق والأعمار والأعمال ، قاله الربيع ، والقرظي ، وابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس: ما كتب لهم من العذاب ، قاله عكرمة ، وأبو صالح ، والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                      والسادس: ما أخبر الله تعالى في الكتب كلها: أنه من افترى على الله كذبا ، اسود وجهه ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والسابع: ما أخبر في الكتاب من جزائهم ، نحو قوله: فأنذرتكم نارا تلظى [الليل:14] ، قاله الزجاج . فإذن في الكتاب خمسة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنه اللوح المحفوظ . والثاني: كتب الله كلها . والثالث: القرآن . والرابع: كتاب أعمالهم . والخامس: القضاء .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: حتى إذا جاءتهم رسلنا فيهم ثلاثة أقوال . /0 أحدها: أنهم أعوان ملك الموت ، قاله النخعي . والثاني: ملك الموت وحده ، قاله مقاتل . والثالث: ملائكة العذاب يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله: "يتوفونهم" ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: يتوفونهم بالموت ، قاله الأكثرون . والثاني: يتوفونهم بالحشر [ ص: 194 ] إلى النار يوم القيامة ، قاله الحسن . والثالث: يتوفونهم عذابا ، كما تقول: قتلت فلانا بالعذاب ، وإن لم يمت ، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أين ما كنتم تدعون أي: تعبدون من دون الله ، وهذا سؤال تبكيت وتقريع . قال مقاتل: المعنى: فليمنعوكم من النار . قال الزجاج : ومعنى ضلوا عنا بطلوا وذهبوا ، فيعترفون عند موتهم أنهم كانوا كافرين . وقال غيره: ذلك الاعتراف يكون يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية