الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 134 ] فصل . تسقط الجمعة إسقاط حضور لا وجوب ، فيكون حكمه كمريض ونحوه ، لا كمسافر ونحوه عمن حضر العيد مع الإمام عند الاجتماع ، وذكر في الخلاف أنه الظاهر من قول الشافعية فيمن كان خارج البلد ، ويصلي الظهر كصلاة أهل الأعذار ، وعنه : لا تسقط ( و ) كالإمام ، وعنه : تسقط عنه أيضا ، اختاره جماعة ، لعظم المشقة عليه ، فهو أولى بالرخصة . وجزم ابن عقيل وغيره بأن له الاستنابة ، وقال : الجمعة تسقط بأيسر عذر ، كمن له عروس تجلى عليه ، فكذا المسرة بالعيد ، كذا قال في مفرداته ، وقال صاحب المحرر : لا وجه لعدم سقوطها مع إمكان الاستنابة ، وعنه : لا تسقط عن العدد المعتبر ، اختاره صاحب التلخيص ، ويسقط في الأصح العيد بالجمعة ( خ ) كالعكس وأولى ، فيعتبر العزم على الجمعة ، وقال أبو الخطاب والشيخ : يسقط بفعلها وقت العيد ، وفي مفردات ابن عقيل احتمال تسقط الجمع وتصلى فرادى ، وفي الفصول والمستوعب والتلخيص ونهاية أبي المعالي : ويجلس مكانه ليصلي العصر ، ولم يذكره الأكثر ، لضعف الخبر الخاص فيه ، واحتج ابن عقيل أيضا بقوله عليه السلام لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها ويستحب انتظار الصلاة بعد الصلاة ، ذكره جماعة ، منهم صاحب المغني والمحرر ، وجلوسه بعد فجر وعصر إلى طلوعها وغروبها ، لا في بقية الأوقات ، نص عليه ، واقتصر صاحب المغني والمحرر على الفجر ; لأنه عليه السلام كان لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس [ ص: 135 ] حسنا رواه مسلم عن جابر بن سمرة أي مرتفعة ، وإن قام وجلس بمكان فيه فلا بأس ، لقول الأصحاب : لا يجوز الخروج من معتكفه ، وصرحوا بالمسجد ، والأول أفضل وأولى ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه : اللهم صل عليه ، اللهم ارحمه ، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة وفي الصحيح فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه وزاد في دعاء الملائكة اللهم اغفر له ، اللهم تب عليه ، ما لم يؤذ فيه ، ما لم يحدث فيه وفي الصحيح الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث وفي الصحيح أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه والملائكة تقول : اللهم اغفر له وارحمه ، ما لم يقم من مصلاه أو يحدث وفي الصحيح لا يزال في الصلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث قال ابن هبيرة : انتظار العبادة عبادة ، وإذا لم يحدث فهو على هيئة الانتظار ، فنافى بحدثه حال المتأهبين لها ، فلذلك كان الدعاء من الملائكة له ، ويتوجه احتمال لا يخرج حتى يزول النهي . ويصلي ركعتين ، للخبر ، وفيه ضعف . قال صاحب المحرر : والأولى أن يشتغل بالذكر ، وأفضله قراءة القرآن ، وعن عطية العوفي وهو ضعيف عن أبي سعيد مرفوعا يقول الله : من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين ، وإن فضل كلام الله على سائر الكلام [ ص: 136 ] كفضل الله على خلقه رواه الترمذي وقال : حسن غريب ، وعن ابن عمر مرفوعا من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين رواه أبو حفص بن شاهين ، وذكر أن خبر أبي سعيد يفسره ، وأن بعضهم حمله على ظاهره ، قال ابن حبان : هذا موضوع ما رواه إلا صفوان بن أبي الصهباء ، وذكر ابن الجوزي الخبرين في الموضوعات ، كذا قال ، وليس خبر أبي سعيد بموضوع ، وفي حسنه نظر ، وقال تعالى ادعوني أستجب لكم وعن أبي هريرة مرفوعا من لم يسأل الله يغضب عليه وعنه أيضا مرفوعا ليس شيء أكرم على الله من الدعاء ، رواهما الترمذي وابن ماجه ، وعنه أيضا مرفوعا أعجز الناس من عجز بالدعاء ، وأبخل الناس من بخل بالسلام حديث حسن رواه أبو يعلى الموصلي وغيره ، وينبغي لمن قصد المسجد أن ينوي الاعتكاف ، ولم يره شيخنا ، ويأتي آخر الاعتكاف

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية