الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في الاصطدام ونحوه مما يوجب الاشتراك في الضمان وما يذكر مع ذلك إذا ( اصطدما ) أي كاملان ماشيان أو راكبان مقبلان أو مدبران أو مختلفان ( بلا قصد ) لنحو ظلمة فماتا ( فعلى عاقلة كل نصف دية مخففة ) لوارث الآخر لأن كلا منهما هلك بفعله وفعل صاحبه فيهدر النصف المقابل لفعله كما لو جرح نفسه وجرحه آخر فمات بهما ووجبت مخففة على العاقلة لأنه خطأ محض ( وإن قصدا ) الاصطدام ( فنصفها مغلظة ) على عاقلة كل لأنه شبه عمد لا عمد لعدم إفضاء الاصطدام للموت غالبا ولو ضعف أحد الماشيين بحيث يقطع بأنه لا أثر لحركته مع حركة الآخر هدر القوي وعلى عاقلته دية الضعيف [ ص: 19 ] نظير ما يأتي ( أو ) قصد ( أحدهما ) فقط الاصطدام ( فلكل حكمه ) فعلى عاقلة القاصد نصف دية مغلظة وغيره نصفها مخففة

                                                                                                                              ( والصحيح أن على كل كفارتين ) كفارة لقتل نفسه وأخرى لقتل صاحبه إذ الأصح أن الكفارة لا تتجزأ وأنها تجب على قاتل نفسه ( وإن ماتا مع مركوبيهما فكذلك ) الحكم في الدية والكفارة ( وفي ) مال كل إن عاشا وإلا ففي ( تركة كل منهما ) إن كانا ملكين للراكبين ( نصف قيمة ) لا يأتي هنا ما مر في الصداق في قيمة النصف لأنه لمعنى لا يأتي هنا ( دابة الآخر ) أي مركوبه وإن غلباهما والباقي هدر لاشتراكهما في إتلاف الدابتين فوزع البدل عليهما وإن كانت إحداهما فيلا والأخرى كبشا كما في الأم ويتعين حمله على كبش لحركته تأثير ما في القتل وإلا لم يتعلق بحركته حكم كغرز إبرة بجلدة عقب مع جرح عظيم أو هو مبالغة في التمثيل إذ الكبش لا يركب فهو كقول أبي حنيفة تمثيلا للمثقل لو قتله بأبو قبيس لم يقتل به أما المملوكة لغير الراكب ولو مستأجرة فلا يهدر منها شيء وكذا يضمن كل نصف ما على الدابة من مال الأجنبي نظير ما يأتي في السفينة ولو تجاذبا حبلا فانقطع فسقطا وماتا فعلى عاقلة كل نصف دية الآخر نعم إن كان الحبل لأحدهما هدر الآخر لأنه ظالم وعلى عاقلته نصف دية المالك ولو أرخاه أحد المتجاذبين فسقط الآخر ومات فعلى عاقلته نصف دية الميت ولو قطعه غيرهما فعلى عاقلته دية كل منهما ولو ذهب ليقوم فأخذ غيره بثوبه ليقعد فتمزق بفعلهما لزمه نصف قيمته وكذا لو مشى على نعل ماش فانقطع بفعلهما كما يأتي

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل في الاصطدام ) [ ص: 19 ] قول المتن والشرح وفي مال كل إن عاشا ) هذا يقتضي حمل الواو في وفي على الاستئناف أو العطف على جملة ، وإن ماتا إلخ لا على فكذلك كما هو المتبادر إذ لا يتأتى ما زاده مع فرض موتهما مع مركوبيهما إلا أن يريد به بيان فائدة زائدة بدون حمل المتن على ذلك ولا يخفى ما فيه من التعسف . ( قوله في المتن وفي تركة كل منهما نصف قيمة دابة الآخر ) قال في شرح الروض ، وقد يجيء التقاص في ذلك ولا يجيء في الدية إلا أن تكون عاقلة كل منهما ورثته وعدمت الإبل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ، وكذا يضمن كل نصف ما على الدابة من مال الأجنبي ) كان المراد ما على كل دابة وحينئذ يتضح التقييد بالأجنبي .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في الاصطدام ونحوه ) ( قوله في الاصطدام ) إلى قول المتن ولو أركبهما أجنبي في النهاية إلا قوله لا يأتي هنا إلى المتن وقوله فهو كقول أبي حنيفة إلى أما المملوكة وكذا في المغني إلا قوله مال كل إلى المتن وقوله وهو مبالغة إلى وأما المملوكة وقوله ذهب إلى لو مشى ( قوله ونحوه ) أي كحجر المنجنيق ا هـ ع ش ( قوله وما يذكر مع ذلك ) أي كإشراف السفينة على الغرق ا هـ ع ش ( قوله أي كاملان ) أي بأن كانا بالغين عاقلين حرين أخذا من قول المصنف الآتي وصبيان إلخ ا هـ ع ش عبارة المغني أي حران كاملان إلخ واستفيد تقييد الاصطدام بالحرين من قوله فعلى عاقلة كل إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو مدبران ) أي بأن كانا ماشيين القهقرى كما لا يخفى ا هـ رشيدي ( قوله أو مختلفان ) راجع لكل من التعميمين كما هو صريح المغني أي أو أحدهما راكب والآخر ماش أو مقبل والآخر مدبر ( قول المتن بلا قصد ) قيد به ليشمل ما إذا غلبتهما الدابتان وسيأتي محترزه في كلامه ا هـ مغني عبارة النهاية وشمل كلامه ما لو لم يقدر الراكب على ضبطها أي الدابة وما لو قدر وغلبته وقطعت العنان الوثيق وما لو كان مضطرا إلى ركوبها ا هـ أي وهو كذلك في الكل ع ش ( قوله لنحو ظلمة ) أي من عمى وغفلة ا هـ مغني ( قول المتن فعلى عاقلة كل إلخ ) ولا فرق في ذلك بين أن يقعا منكبين أو مستلقيين أو أحدهما منكبا والآخر مستلقيا اتفق المركوبان جنسا وقوة كفرسين أم لا كفرس وبعير اتفق سيرهما أو اختلف كأن كان أحدهما يعدو والآخر يمشي على هينته مغني وروض مع شرحه ( قول المتن مغلظة ) أي بالتثليث ا هـ ع ش ( قوله على عاقلة كل ) أي لورثة الآخر ا هـ مغني ( قوله لعدم إفضاء الاصطدام إلخ ) ولذلك لا يتعلق به القصاص إذا مات أحدهما دون الآخر ا هـ مغني ( قوله ولو ضعف إلخ ) ينبغي رجوعه لكل من القصد وعدمه لكنه في القصد شبه عمد وفي

                                                                                                                              [ ص: 19 ] غيره خطأ ا هـ ع ش ( قوله نظير ما يأتي ) لعل في قوله نعم إن كان الحبل إلخ ( قوله وغيره إلخ ) أي وعلى عاقلة غير القاصد نصف دية وقوله مخففة حال من الضمير المضاف إليه ( قول المتن والصحيح أن على كل إلخ ) أي سواء قصد الاصطدام أم لا ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله لا تتجزأ ) كذا في أصله رحمه الله تعالى والقياس تتجزأ ا هـ سيد عمر ( قول المتن وفي تركة كل نصف قيمة إلخ ) وقد يجيء التقاص في ذلك ولا يجري في الدية إلا أن يكون عاقلة كل منهما ورثته وعدمت الإبل ا هـ أسنى ومغني ( قول المتن والشارح وفي مال كل إن عاشا إلخ ) هذا يقتضي حمل الواو في وفي على الاستئناف أو العطف على جملة وإن ماتا إلخ لا على فكذلك كما هو المتبادر إذ لا يتأتى ما زاده مع فرض موتهما مع مركوبيهما إلا أن يريد به بيان فائدة زائدة بدون حمل المتن على ذلك ولا يخفى ما فيه من التعسف ا هـ سم ( قوله وإن غلباهما ) كان الأولى تأنيث الفعل ( قوله وإن كانت إلخ ) غاية للمتن عبارة النهاية والمغني ومحل ذلك كله إذا لم تكن إحدى الدابتين ضعيفة بحيث يقطع بأنه لا أثر لحركتها مع قوة الآخر فإن كانت كذلك لم يتعلق بحركتها حكم كغرز الإبرة إلخ ( قوله حمله ) أي الكبش في كلام الأم ( قوله أو هو ) أي كلام الأم ( قوله أما المملوكة إلخ ) عبارة المغني والنهاية هذا إذا كانت الدابتان لهما فإن كانتا لغيرهما كالمعارتين والمستأجرتين لم يهدر منهما شيء لأن المعار ونحوه مضمون وكذا المستأجر ونحوه إذا أتلفه ذو اليد أو فرط فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله يضمن كل ) أي من الراكبين ( قوله نصف ما على الدابة إلخ ) كان المراد ما على كل دابة وحينئذ يتجه التقييد بالأجنبي ا هـ سم ( قوله من مال الأجنبي ) فرع لو كان مع كل من المصطدمين بيضة وهي ما يجعل على الرأس فكسرت ففي البحر أن الشافعي رضي الله عنه قال على كل منهما نصف قيمة بيضة الآخر ا هـ مغني ( قوله حبلا ) أي لهما أو لغيرهما نهاية ومغني ( قوله نصف دية الآخر ) أي دية شبه عمد وكذا في المواضع الثلاثة الآتية ا هـ ع ش ( قوله وإن كان الحبل لأحدهما ) أي والآخر ظالم ا هـ مغني ( قوله وعلى عاقلته ) أي الظالم ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية