الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 432 ] 82 - فصل

                          في شهود جنائزهم .

                          قال محمد بن موسى : قلت لأبي عبد الله : يشيع المسلم جنازة المشرك ؟ قال : نعم .

                          وقال محمد بن الحسن بن هارون : قيل لأبي عبد الله : ويشهد جنازته ؟ قال : نعم ، نحو ما صنع الحارث بن أبي ربيعة ؛ كان شهد جنازة أمه وكان يقوم ناحية ولا يحضر لأنه ملعون .

                          [ ص: 433 ] وقال أبو طالب : سألت أبا عبد الله عن الرجل يموت وهو يهودي ، وله ولد مسلم كيف يصنع ؟ قال : يركب دابته ويسير أمام الجنازة ، ولا يكون خلفه ، فإذا أرادوا أن يدفنوه رجع ، مثل قول عمر .

                          قلت : أراد ما رواه سعيد بن منصور قال : حدثني عيسى بن يونس عن محمد بن [ أبي ] إسماعيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال : ماتت أمي نصرانية ، فأتيت عمر فسألته فقال : اركب في جنازتها وسر أمامها .

                          [ ص: 434 ] قال الخلال : حدثنا علي بن سهل بن المغيرة قال : حدثني أبي سهل بن المغيرة حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال : جاء قيس بن شماس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن أمه توفيت وهي نصرانية ، وهو يحب أن يحضرها ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اركب دابتك وسر أمامها ، فإذا ركبت وكنت أمامها فلست معها " .

                          قال علي بن سهل : رأيت أحمد بن حنبل يسأل أبي عن هذا الحديث ، فحدثه به .

                          [ ص: 435 ] وقال حنبل : سألت أبا عبد الله عن المسلم تموت له أم نصرانية أو أبوه أو أخوه أو ذو قرابته ، وترى أن يلي شيئا من أمره حتى يواريه ؟ قال : إن كان أبا أو أما أو أخا أو قرابة قريبة وحضره فلا بأس ، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يواري أبا طالب قلت : فترى أن يفعل هو ذلك ؟ قال أهل دينه يلونه وهو حاضر يكون معهم ، حتى إذا ذهبوا به تركه معهم ، وهم يلونه .

                          [ ص: 436 ] قال حنبل : وحدثنا عفان ، ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران أن عبد الله بن ربيعة قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : إن أمي ماتت ، وقد علمت الذي كانت عليه من النصرانية ، قال : أحسن ولايتها ، وكفنها ، ولا تقم على قبرها .

                          قال يوسف : كنا معه في ناحية والنصارى يعجون مع أمه .

                          [ ص: 437 ] وقال إسحاق بن منصور : قلت لأبي عبد الله : الرجل يكون له جار مسلم ماتت أمه نصرانية ، يتبع هذا جنازتها ؟ قال : لا يتبعها ، يكون ناحية منها .

                          وقال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن شهود جنازة النصراني الجار ، قال : على نحو ما صنع الحارث بن أبي ربيعة ، كان شهد جنازة أمه فكان يقوم ناحية ولا يحضر لأنه ملعون .

                          وقال صالح بن أحمد : قلت لأبي : رجل مسلم ماتت له أم نصرانية ، يتبع جنازتها ؟ قال : يكون ناحية منها .

                          وقال سعيد بن منصور : ثنا سفيان عن أبي سنان عن سعيد بن جبير ، قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل مات أبوه نصرانيا ، قال : يشهده ويدفنه .

                          قال الخلال : كأن أبا عبد الله لم يعجبه ذلك ، ثم روى عن هؤلاء الجماعة أنه لا بأس به ، واحتج بالأحاديث يعني أنه رجع إلى هذا القول ، والله أعلم .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية