الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أرض ]

                                                          أرض : الأرض : التي عليها الناس أنثى ، وهي اسم جنس ، وكان حق الواحدة منها أن يقال أرضة ، ولكنهم لم يقولوا . وفي التنزيل : وإلى الأرض كيف سطحت ، قال ابن سيده : فأما قول عمرو بن جوين الطائي أنشده ابن سيبويه :


                                                          فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها

                                                          فإنه ذهب بالأرض إلى الموضع والمكان كقوله تعالى : فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي أي هذا الشخص وهذا المرئي ونحوه ، وكذلك قوله : فمن جاءه موعظة من ربه ; أي وعظ . وقال سيبويه : كأنه اكتفى بذكر الموعظة عن التاء ، والجمع آراض وأروض وأرضون ، الواو عوض من الهاء المحذوفة المقدرة وفتحوا الراء في الجمع ليدخل الكلمة ضرب من التكسير ، استيحاشا من أن يوفروا لفظ التصحيح ليعلموا أن أرضا مما كان سبيله لو جمع بالتاء أن تفتح راؤه فيقال أرضات ، قال الجوهري : وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون أرض وآراض كما قالوا أهل وآهال ، قال ابن بري : الصحيح عند المحققين فيما حكي عن أبي الخطاب أرض وأراض وأهل وأهال ، كأنه جمع أرضاة وأهلاة كما قالوا ليلة وليال كأنه جمع ليلاة ، قال الجوهري : والجمع أرضات لأنهم قد يجمعون المؤنث الذي ليست فيه هاء التأنيث بالألف والتاء كقولهم عرسات ، ثم قالوا أرضون فجمعوا بالواو والنون والمؤنث لا يجمع بالواو والنون إلا أن يكون منقوصا كثبة وظبة ، ولكنهم جعلوا الواو والنون عوضا من حذفهم الألف والتاء وتركوا فتحة الراء على حالها ، وربما سكنت ، قال : والأراضي أيضا على غير قياس كأنهم جمعوا آرضا ، قال ابن بري : صوابه أن يقول جمعوا أرضى مثل أرطى ، وأما آرض فقياسه جمع أوارض . وكل ما سفل فهو أرض ; وقول خداش بن زهير :


                                                          كذبت عليكم ، أوعدوني وعللوا     بي الأرض والأقوام ، قردان موظبا

                                                          ، قال ابن سيده : يجوز أن يعني أهل الأرض ويجوز أن يريد عللوا جميع النوع الذي يقبل التعليل ; يقول : عليكم بي وبهجائي إذا كنتم في سفر فاقطعوا الأرض بذكري وأنشدوا القوم هجائي يا قردان موظب ، يعني قوما هم في القلة والحقارة كقردان موظب ، لا يكون إلا [ ص: 88 ] على ذلك لأنه إنما يهجو القوم لا القردان . والأرض : سفلة البعير والدابة وما ولي الأرض منه ، يقال : بعير شديد الأرض إذا كان شديد القوائم . والأرض : أسفل قوائم الدابة ; وأنشد لحميد يصف فرسا :


                                                          ولم يقلب أرضها البيطار     ولا لحبليه بها حبار

                                                          يعني لم يقلب قوائمها لعلمه بها ; وقال سويد بن كراع :


                                                          فركبناها على مجهولها     بصلاب الأرض فيهن شجع

                                                          ، وقال خفاف :


                                                          إذا ما استحمت أرضه من سمائه     جرى ، وهو مودوع وواعد مصدق

                                                          وأرض الإنسان : ركبتاه فما بعدهما . وأرض النعل : ما أصاب الأرض منها . وتأرض فلان بالمكان إذا ثبت فلم يبرح ، وقيل : التأرض التأني والانتظار ; وأنشد :


                                                          وصاحب نبهته لينهضا     إذا الكرى في عينه تمضمضا
                                                          يمسح بالكفين وجها أبيضا     فقام عجلان وما تأرضا

                                                          أي ما تلبث . والتأرض : التثاقل إلى الأرض ; وقال الجعدي :


                                                          مقيم مع الحي المقيم وقلبه     مع الراحل الغادي الذي ما تأرضا

                                                          وتأرض الرجل : قام على الأرض ; وتأرض واستأرض بالمكان : أقام به ولبث ، وقيل : تمكن . وتأرض لي : تضرع وتعرض . وجاء فلان يتأرض لي أي يتصدى ويتعرض ; وأنشد ابن بري :


                                                          قبح الحطيئة من مناخ مطية     عوجاء سائمة تأرض للقرى

                                                          ويقال : أرضت الكلام إذا هيأته وسويته . وتأرض النبت إذا أمكن أن يجز . والأرض : الزكام ، مذكر ، وقال كراع : هو مؤنث ; وأنشد لابن أحمر :


                                                          وقالوا : أنت أرض به وتحيلت     فأمسى لما في الصدر والرأس شاكيا

                                                          أنت أدركت ، ورواه أبو عبيد : أتت . وقد أرض أرضا وآرضه الله أي أزكمه ، فهو مأروض . يقال : رجل مأروض ، وقد أرض فلان وآرضه إيراضا . والأرض : دوار يأخذ في الرأس عن اللبن فيهراق له الأنف والعينان ، والأرض ، بسكون الراء : الرعدة والنفضة ; ومنه قول ابن عباس وزلزلت الأرض : أزلزلت الأرض أم بي أرض ؟ يعني الرعدة ، وقيل : يعني الدوار ; وقال ذو الرمة يصف صائدا :


                                                          إذا توجس ركزا من سنابكها     أو كان صاحب أرض أو به الموم

                                                          ويقال : بي أرض فآرضوني أي داووني . والمأروض : الذي به خبل من الجن وأهل الأرض ، وهو الذي يحرك رأسه وجسده على غير عمد . والأرض : التي تأكل الخشب . وشحمة الأرض : معروفة ، وشحمة الأرض تسمى الحلكة ، وهي بنات النقا تغوص في الرمل كما يغوص الحوت في الماء ، ويشبه بها بنان العذارى . والأرضة ، بالتحريك : دودة بيضاء شبه النملة تظهر في أيام الربيع ، قال أبو حنيفة : الأرضة ضربان : ضرب صغار مثل كبار الذر ، وهي آفة الخشب خاصة ، وضرب مثل كبار النمل ذوات أجنحة وهي آفة كل شيء من خشب ونبات ، غير أنها لا تعرض للرطب ، وهي ذات قوائم ، والجمع أرض ، والأرض اسم للجمع . والأرض : مصدر أرضت الخشبة تؤرض أرضا فهي مأروضة إذا وقعت فيها الأرضة وأكلتها . وأرضت الخشبة أرضا وأرضت أرضا ، كلاهما : أكلتها الأرضة . وأرض أرضة وأريضة بينة الأراضة : زكية كريمة مخيلة للنبت والخير ; وقال أبو حنيفة : هي التي ترب الثرى وتمرح بالنبات ; قال امرؤ القيس :


                                                          بلاد عريضة ، وأرض أريضة     مدافع ماء في فضاء عريض

                                                          ، وكذلك مكان أريض . ويقال : أرض أريضة بينة الأراضة إذا كانت لينة طيبة المقعد كريمة جيدة النبات . وقد أرضت بالضم أي زكت . ومكان أريض : خليق للخير ; وقال أبو النجم :


                                                          بحر هشام وهو ذو فراض     بين فروع النبعة الغضاض
                                                          وسط بطاح مكة الإراض     في كل واد واسع المفاض

                                                          ، قال أبو عمرو : الإراض العراض يقال : أرض أريضة أي عريضة . وقال أبو البيداء : أرض وأرض وإرض وما أكثر أروض بني فلان ، ويقال : أرض وأرضون وأرضات وأرضون . وأرض أريضة للنبات : خليقة ، وإنها لذات إراض . ويقال : ما آرض هذا المكان أي ما أكثر عشبه . وقال غيره : ما آرض هذه الأرض أي ما أسهلها وأنبتها وأطيبها ; حكاه أبو حنيفة : وإنها لأريضة للنبت وإنها لذات أراضة أي خليقة للنبت . وقال ابن الأعرابي : أرضت الأرض تأرض أرضا إذا خصبت وزكا نباتها . وأرض أريضة أي معجبة . ويقال : نزلنا أرضا أريضة أي معجبة للعين ، وشيء عريض أريض : إتباع له وبعضهم يفرده ; وأنشد ابن بري :


                                                          عريض أريض بات ييعر حوله     وبات يسقينا بطون الثعالب

                                                          وتقول : جدي أريض أي سمين . ورجل أريض بين الأراضة : خليق للخير متواضع ، وقد أرض . الأصمعي : يقال هو آرضهم أن يفعل ذلك أي أخلقهم . ويقال : فلان أريض بكذا أي خليق به . وروضة أريضة : لينة الموطئ ; قال الأخطل :


                                                          ولقد شربت الخمر في حانوتها     وشربتها بأريضة محلال

                                                          وقد أرضت أراضة واستأرضت . وامرأة عريضة أريضة : ولود كاملة [ ص: 89 ] على التشبيه بالأرض . وأرض مأروضة : أريضة ; قال :


                                                          أما ترى بكل عرض معرض     كل رداح دوحة المحوض
                                                          مؤرضة قد ذهبت في مؤرض

                                                          التهذيب : المؤرض الذي يرعى كلأ الأرض ; وقال ابن دالان الطائي :


                                                          وهم الحلوم إذا الربيع تجنبت     وهم الربيع إذا المؤرض أجدبا

                                                          والإراض : البساط لأنه يلي الأرض . الأصمعي : الإراض بالكسر ، بساط ضخم من وبر أو صوف . وأرض الرجل : أقام على الإراض . وفي حديث أم معبد : فشربوا حتى آرضوا التفسير لابن عباس ، وقال غيره : أي شربوا عللا بعد نهل حتى رووا ، من أراض الوادي إذا استنقع فيه الماء ، وقال ابن الأعرابي : حتى أراضوا أي ناموا على الإراض ، وهو البساط ، وقيل : حتى صبوا اللبن على الأرض . وفسيل مستأرض وودية مستأرضة بكسر الراء : وهو أن يكون له عرق في الأرض فأما إذا نبت على جذع النخل فهو : الراكب ; قال ابن بري : وقد يجيء المستأرض بمعنى المتأرض ، وهو المتثاقل إلى الأرض ; قال ساعدة يصف سحابا :


                                                          مستأرضا بين بطن الليث أيمنه     إلى شمنصير ، غيثا مرسلا معجا

                                                          وتأرض المنزل : ارتاده وتخيره للنزول ، قال كثير :


                                                          تأرض أخفاف المناخة منهم     مكان التي قد بعثت فازلأمت

                                                          ازلأمت : ذهبت فمضت . ويقال : تركت الحي يتأرضون المنزل أي يرتادون بلدا ينزلونه . واستأرض السحاب : انبسط ، وقيل : ثبت وتمكن وأرسى ; وأنشد بيت ساعدة يصف سحابا :


                                                          مستأرضا بين بطن الليث أيمنه

                                                          وأما ما ورد في الحديث في الجنازة : من أهل الأرض أم من أهل الذمة فإنه أي الذين أقروا بأرضهم . والأراضة : الخصب وحسن الحال . والأرضة من النبات : ما يكفي المال سنة ; رواه أبو حنيفة عن ابن الأعرابي . والأرض : مصدر أرضت القرحة تأرض أرضا مثال تعب يتعب تعبا إذا تفشت ومجلت ففسدت بالمدة وتقطعت . الأصمعي : إذا فسدت القرحة وتقطعت قيل أرضت تأرض أرضا . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا صيام إلا لمن أرض الصيام أي تقدم فيه ، رواه ابن الأعرابي ، وفي رواية : لا صيام لمن لم يؤرضه من الليل . أي لم يهيئه ولم ينوه . ويقال : لا أرض لك كما يقال لا أم لك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية