الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 379 ] قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف الآية. في الفرق بين الخلف بتسكين اللام والخلف بتحريكها وجهان: أحدهما: أنه بالفتح إذا خلفه من كان من أهله ، وبالتسكين إذا خلفه من ليس من أهله.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن الخلف بالتسكين مستعمل في الذم ، وبالفتح مستعمل في المدح ، قال لبيد:


                                                                                                                                                                                                                                        ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب



                                                                                                                                                                                                                                        وفي هذا الخلف قولان: أحدهما: أنهم اليهود من بعد ما تقدم من الأنبياء ، قاله مقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم من المسلمين. فعلى هذا في قوله من بعدهم قولان: أحدهما: من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، من عصر الصحابة وإلى قيام الساعة كما روى الوليد بن قيس حكاه إبراهيم عن عبيدة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: إنهم من بعد عصر الصحابة. روى الوليد بن قيس عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون بعد ستين سنة خلف أضاعوا الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                        الآية. وفي إضاعتهم الصلاة قولان: أحدهما: تأخيرها عن أوقاتها ، قاله ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: تركها ، قاله القرظي. ويحتمل ثالثا: أن تكون إضاعتها الإخلال باستيفاء شروطها.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 380 ] فسوف يلقون غيا فيه خمسة أقاويل: أحدها: أنه واد في جهنم ، قالته عائشة وابن مسعود.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الخسران ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه الشر ، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: الضلال عن الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: الخيبة ، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره     ومن يغو لا يعدم على الغي لائما



                                                                                                                                                                                                                                        من يغو: أي من يخب.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية