الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( باب تعارض البينتين ) ( التعارض : التعادل من كل وجه ) يقال : تعارضت البينتان إذا تقابلتا وعارض زيدا عمر إذا أتاه بمثل ما أتاه به وتعارض البينتين اختلافهما بأن تثبت كل منهما ما نفته الأخرى حيث لا يمكن الجمع بينهما فيتساقطان ( إذا قال لعبده متى قتلت فأنت حر فادعى العبد أنه ) أي سيده ( قتل وأنكر ورثته فالقول قولهم إن لم تكن له بينة ) لأن الأصل عدم القتل ( وإن أقام كل واحد منهما بينة بما ادعاه بأن أقام العبد بينة أن سيده قتل وأقام ورثته بينة ) أنه مات ( قدمت بينة العبد وعتق ) لأن مع بينته زيادة وهو القتل وإن لم تكن بينة فله تحليفهم على نفي العلم .

                                                                                                                      ( وإن قال إن مت في المحرم فسالم حر ) وإن مت ( في صفر فغانم حر ) ومات ( ولم تقم لواحد منهما بينة ) بموجب عتقه ( وأنكر الورثة ) موته في الشهرين ( فقولهم ) لأن الأصل بقاؤهما في الرق ( وبقيا على الرق ) لاحتمال موته في غير المحرم وصفر ( وإن أقروا لأحدهما ) بموجب عتقه ( أو أقام ) به ( بينة عتق ) لثبوت مقتضيه ( وإن أقام كل واحد ) من العبدين ( بينة بموجب عتقه تعارضتا وسقطتا ) لأن كل واحدة منهما تنفي ما شهدت به الأخرى ( وبقيا على الرق ) لاحتمال أن يكون مات في غير محرم وصفر .

                                                                                                                      ( وإن علم موته في أحد الشهرين ) وهما المحرم وصفر ولم يعلم عينه ( أقرع بينهما ) للعلم بموجب عتق أحدهما ولا معين له غير القرعة فمن قرع عتق ( وإن قال إن مت في مرضي هذا فسالم حر وإن برئت فغانم حر وجهل ) كونه مات فيه أو برئ ( ثم مات ولم يكن لهما بينة عتق أحدهما بقرعة ) لأنه [ ص: 399 ] لا يخلو إما أن يكون برئ أو لم يبرأ فيعتق أحدهما بكل حال ولم يعلم عينه فيخرج بقرعة .

                                                                                                                      ( وإن أقاما بينتين تعارضتا وبقيا على الرق ) نقله في المقنع عن الأصحاب لأن كل واحدة من البينتين تنفي ما شهدت به الأخرى ثم قال في المقنع والقياس أن يعتق أحدهما بقرعة وزيد في الشرح ما نقله الأصحاب ( وإن أقر الورثة لأحدهما بما يوجب عتقه عتق بإقرارهم وكذا حكم ) قوله ( إن مت من مرضي هذا ) فسالم حر وإن برئت فغانم إذا أتى عن بدل من في وأقام كل من العبدين بينة ( في التعارض ) فإنه يكون الحكم كما تقدم في تعارض البينتين وتساقطهما وكونهما يبقيان على الرق أو يعتق أحدهما على ما سبق .

                                                                                                                      ( وأما في الجهل ) أي من أي شيء ( مات ) وعدم البينة لكل منهما ( فيعتق سالم لأن الأصل دوام المرض وعدم البرء وإن أتلف ثوبا ) ونحوه من المتقومات تعديا أو نحوه ( فشهدت بينة أن قيمته عشرون و ) شهدت ( بينة ) أخرى ( أن قيمته ثلاثون لزمه ما اتفقا عليه وهو عشرون ) دون ما تعارضتا فيه لتساقطهما فيه ( وكذا لو كان بكل ، قيمة شاهد ) ثبت ما اتفقا عليه ( وله ) أي المدعي ( أن يحلف مع الآخر ) الشاهد بالعشرة الزائدة ( على العشرة كما يأتي آخر الباب بعده ) كما لو لم يكن غيره لأن الشاهد مع اليمين نصاب لا يعارضه شهادة الواحد قال ابن نصر الله : ( لو اختلفت بينتان في قيمة عين قائمة ليتيم يريد الوصي معها أخذ بينة الأكثر فيما يظهر ) إن احتملت وإلا فيما يصدقها الحس .

                                                                                                                      ( وكذا قال الشيخ لو شهدت بينة أنه أجر حصة موليه بأجرة مثلها و ) شهدت بينة أنه أجرها ( بنصفها ) أي بنصف أجرة مثلها أخذ ببينة الأكثر حيث احتمل ( وتقدم إذا ماتت امرأة وابنها واختلف زوجها وأخوها في أسبقهما ) موتا ( في ) ، باب ( ميراث الغرقى ) مفصلا .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية