الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 502 ] 930 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وده أنه لم يكن دخل الكعبة بعد ما كان دخلها .

5790 - حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حزينا ، فقال : إني دخلت الكعبة ووددت أن لا أكون دخلتها ، أخشى أن أتعبت أمتي .

فقال قائل : دخول الكعبة قربة كسائر القرب التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 503 ] لتقتدي أمته به فيها ، فما وجه ما رويتموه عنه في هذا الحديث ؟

فكان جوابنا له في ذلك : أنه قد يحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بذلك القول الخوف منه على أنه يكون الاقتداء به فيما فعله من أراد بذلك القول الخوف منه على ذلك حتى يكون عندهم مما لا يتم حجهم إلا به ، فأهمه ذلك لا ما سواه ، كما جاء بني عبد المطلب لما هم بالنزع معهم من ماء زمزم .

5791 - كما حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض في حجته إلى البيت صلى بمكة الظهر ، فأتى على بني عبد المطلب يسقون على زمزم ، فقال : انزعوا بني عبد المطلب ، فلولا يغلبنكم الناس على سقايتكم ، لنزعت معكم ، فناولوه دلوا فشرب منه .

[ ص: 504 ] فكان تركه لذلك خوف اقتداء الناس به ، وفي ذلك مشقة لأهلها على ما أهمهم من أمرها دون من سواهم .

ومثل ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تركه النصرة ، والدخول فيها خوفا أن يدخل الناس فيها اقتداء به فتذهب الهجرة .

5792 - كما حدثنا المزني ، حدثنا الشافعي ، أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لولا الهجرة ، لكنت امرءا من الأنصار ، ولو أن الناس يسلكون واديا أو شعبا ، لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم [ ص: 505 ] .

فترك صلى الله عليه وسلم أن يكون امرءا من الأنصار للمعنى الذي ذكر في هذا الحديث ، أنه لو فعل ذلك لفعل الناس جميعا في النصرة اقتداء به فيه ، فترك ذلك لتبقى الهجرة ، وإن كان في ذلك هو النصرة ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية