الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما وصف في الآية المتقدمة حال من يبذل دينه لطلب الدنيا ذكر في هذه الآية حال من يبذل دنياه ونفسه وماله لطلب الدين ، فقال : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ) ثم في الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في سبب النزول روايات :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : روى ابن عباس أن هذه الآية نزلت في صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان ، وفي عمار بن ياسر ، وفي سمية أمه ، وفي ياسر أبيه ، وفي بلال مولى أبي [ ص: 174 ] بكر ، وفي خباب بن الأرت ، وفي عابس مولى حويطب أخذهم المشركون فعذبوهم ، فأما صهيب فقال لأهل مكة : إني شيخ كبير ، ولي مال ومتاع ، ولا يضركم كنت منكم أو من عدوكم تكلمت بكلام ، وأنا أكره أن أنزل عنه وأنا أعطيكم مالي ومتاعي وأشتري منكم ديني ، فرضوا منه بذلك وخلوا سبيله ، فانصرف راجعا إلى المدينة ، فنزلت الآية ، وعند دخول صهيب المدينة لقيه أبو بكر رضي الله عنه فقال له : ربح بيعك ، فقال له صهيب : وبيعك فلا يخسر ما ذاك ؟ فقال : أنزل الله فيك كذا ، وقرأ عليه الآية ، وأما خباب بن الأرت وأبو ذر فقد فرا وأتيا المدينة ، وأما سمية فربطت بين بعيرين ثم قتلت وقتل ياسر ، وأما الباقون فأعطوا بسبب العذاب بعض ما أراد المشركون فتركوا ، وفيهم نزل قول الله تعالى : ( والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا ) [النحل : 41] بتعذيب أهل مكة ( لنبوئنهم في الدنيا حسنة ) [النحل : 41] بالنصر والغنيمة ، ولأجر الآخرة أكبر ، وفيهم نزل : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) .

                                                                                                                                                                                                                                            والرواية الثانية : أنها نزلت في رجل أمر بمعروف ونهى عن منكر ، عن عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                            والرواية الثالثة : نزلت في علي بن أبي طالب بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة خروجه إلى الغار ، ويروى أنه لما نام على فراشه قام جبريل عليه السلام عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ونزلت الآية .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية