الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أن أهل النار أقسموا أن أهل الأعراف داخلون النار معنا ، وأن الله لن يدخلهم الجنة ، فيقول الله لأهل النار: أهؤلاء يعني أهل الأعراف الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة رواه وهب بن منبه عن ابن عباس . قال حذيفة: بينا أصحاب الأعراف هنالك ، اطلع عليهم ربهم فقال لهم: "ادخلوا الجنة فإني قد غفرت لكم"

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن أهل الأعراف يرون في الجنة الفقراء والمساكين الذين كان الكفار يستهزؤون بهم ، كسلمان ، وصهيب ، وخباب ، فينادون الكفار: أهؤلاء [ ص: 208 ] الذين أقسمتم وأنتم في الدنيا لا ينالهم الله برحمة قاله ابن السائب . فعلى هذا ينقطع كلام أهل الأعراف عند قوله: برحمة ، ويكون الباقي من خطاب الله لأهل الجنة . وقد ذكر المفسرون في قوله: ادخلوا الجنة ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أن يكون خطابا من الله لأهل الأعراف ، وقد ذكرناه .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني:[أن] يكون خطابا من الله لأهل الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أن يكون خطابا من أهل الأعراف لأهل الجنة ، ذكرهما الزجاج . فعلى هذا الوجه الأخير ، يكون معنى قول أهل الأعراف لأهل الجنة: ادخلوا الجنة : اعلوا إلى القصور المشرفة ، وارتفعوا إلى المنازل المنيفة ، لأنهم قد رأوهم في الجنة . وروى مجاهد عن عبد الله بن الحارث قال: يؤتى بأصحاب الأعراف إلى نهر يقال له: الحياة ، عليه قضبان الذهب مكللة باللؤلؤ فيغمسون فيه ، فيخرجون ، فتبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ، ويقال لهم: تمنوا ما شئتم ، ولكم سبعون ضعفا ، فهم مساكين أهل الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية