الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إثبات اليد العادية سبب للضمان ، وينقسم إلى مباشرة بأن يغصب الشيء فيأخذه من يد مالكه ، وإلى التسبب ، وهو في الأولاد وسائر الزوائد ، لأن إثبات اليد على الأصول سبب لإثباتها على الفروع ، فيكون ولد المغصوب وزوائده مغصوبة . [ ص: 8 ] ثم إثبات اليد العادية يكون في المنقول والعقار .

                                                                                                                                                                        أما المنقول : فالأصل فيه النقل ، لكن لو ركب دابة غيره ، أو جلس على فراش غيره ولم ينقله ، في كونه غاصبا ضامنا ، وجهان ، أصحهما : نعم ، سواء قصد الاستيلاء أم لا . قال المتولي : وهذا إذا كان المالك غائبا ، أما إذا كان حاضرا ، فإن أزعجه وجلس على الفراش ، أو لم يزعجه وكان بحيث يمنعه من رفعه والتصرف فيه ، فيضمنه قطعا ، وقياس ما يأتي إن شاء الله تعالى في نظيره من العقار : أن لا يكون غاصبا إلا لنصفه . وأما العقار ، فإن كان مالكه فيه ، فأزعجه ظالم ودخل الدار بأهله على هيئة من يقصد السكنى ، فهو غاصب ، سواء قصد الاستيلاء أم لا ، لأن وجود الاستيلاء يغني عن قصده ، ولو سكن بيتا من الدار ومنع المالك منه دون باقي الدار فهو غاصب لذلك البيت دون باقي الدار . وإن أزعج المالك ولم يدخل الدار ، فالمذهب والذي يدل عليه كلام جماهير الأصحاب : أنه غاصب ، فلم يعتبروا في الغصب إلا الاستيلاء ومنع المالك عنه ، وقال الغزالي : لا يكون غصبا ، واعتبر دخول الدار في غصبها ، أما إذا لم يزعج المالك ، ولكن دخل واستولى معه فهو غاصب لنصف الدار ، لاجتماع يدهما واستيلائهما ، فإن كان الداخل ضعيفا ، والمالك قوي ، لا يعد مثله مستوليا عليه ، لم يكن غاصبا لشيء من الدار ، ولا اعتبار بقصد ما لا يتمكن من تحقيقه .

                                                                                                                                                                        أما إذا لم يكن هناك مالك ، فدخل على قصد الاستيلاء ، فهو غاصب وإن كان ضعيفا وصاحب الدار قويا ، لأن الاستيلاء حاصل في الحال ، وأثر قوة المالك إنما هو سهولة إزالته والانتزاع من يده ، فصار كما لو سلب قلنسوة ملك ، فإنه غاصب وإن سهل على المالك انتزاعها . وفي وجه : لا يكون غصبا ، لأن مثله في العرف يعد هزءا ، ولا يعد استيلاء ، وهو شاذ ضعيف ، وإن دخل لا على قصد الاستيلاء ، بل لينظر ، هل يصلح له أو غير ذلك ؟ لم يكن غاصبا . قال المتولي : لكن لو انهدمت في تلك الحال ، هل يضمنها ؟ وجهان . أحدهما : نعم ، كما لو أخذ منقولا من [ ص: 9 ] بين يدي مالكه لينظر هل يصلح له ليشتريه ، فتلف في تلك الحال ، فإنه يضمنه . وأصحهما : لا ، لأن اليد على المنقول حقيقة . ولو اقتطع قطعة أرض ملاصقة لأرضه ، وبنى عليها حائطا وأضافها إلى ملكه ، ضمنها ، لوجود الاستيلاء .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية