الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5627 [ ص: 242 ] 3 - باب: لا يجاهد إلا بإذن الوالدين

                                                                                                                                                                                                                              5972 - حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سفيان وشعبة قالا: حدثنا حبيب ح.

                                                                                                                                                                                                                              قال: وحدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن حبيب، عن أبي العباس، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أجاهد؟ قال: " لك أبوان؟". قال: نعم. قال: "ففيهما فجاهد". [انظر: 3004 - مسلم: 2549 - فتح: 10 \ 403]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث حبيب عن أبي العباس، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أأجاهد؟ قال: "لك أبوان؟ ". قال: نعم. قال: "ففيهما فجاهد".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف في الجهاد ، وأبو العباس هو الشاعر كما صرح به هناك، واسمه السائب بن فروخ المكي (الأعمى) ، روى له الجماعة، وحبيب هو ابن أبي ثابت كما صرح به هناك، وهذا موافق لحديث ابن مسعود: أن بر الوالدين أفضل من الجهاد ; لأنه رتب ذلك بـ (ثم) الدالة على الرتبة، وهذا إنما يكون في وقت قوة الإسلام، وعليه أهل العلم إذا كان الجهاد من فروض الكفاية، فأما إذا قوي أهل الشرك وضعف المسلمون - معاذ الله - فالجهاد متعين على كل نفس ولا يجوز التخلف عنه، وإن منع منه الأبوان.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن المنذر فيه: إن النهي عن الخروج بغير إذن الأبوين ما لم يقع النفير، فإذا وقع وجب الخروج على الجميع، وذلك بين في حديث أبي قتادة أنه - عليه السلام - بعث جيش الأمراء، فذكر قصة زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب وابن رواحة وأن منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادى بعد

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 243 ] ذلك أن الصلاة جامعة فاجتمع الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أيها الناس، اخرجوا فأمدوا إخوانكم، ولا يتخلفن أحد" فخرج الناس مشاة وركبانا في حر شديد
                                                                                                                                                                                                                              . فدل قوله: "اخرجوا فأمدوا إخوانكم" أن العذر في التخلف عن الجهاد إنما هو ما لم يقع النفير مع قوله - عليه السلام - : "وإذا استنفرتم فانفروا" .

                                                                                                                                                                                                                              فرع:

                                                                                                                                                                                                                              اختلف في الوالدين المشركين، فكان الثوري يقول: لا تغز إلا بإذنهما. وقال الشافعي: له أن يغزو بغير إذنهما. وقال ابن المنذر: والأجداد (آباء) ، والجدات أمهات، فلا يغزو المرء إلا بإذنهم، ولا أعلم دلالة توجب ذلك لغيرهم من الإخوة وسائر القرابات. وكان طاوس يرى السعي على الأخوات أفضل من الجهاد في سبيل الله.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى ("فجاهد"): أي في طاعتهما وإبرارهما، فأما إذا أذنا له في ذلك جاهد، وذلك لأن فرض الجهاد على الكفاية، وطاعتهما فرض عين، وذكر أنه - عليه السلام - قال: "أهل الأعراف قوم قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم، فمنعهم من النار قتلهم في سبيل الله" .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية