الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1532 (باب البكاء على الميت)

                                                                                                                              وأورده النووي في: (كتاب الجنائز) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 225، 226 ج6 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله بن عمر، قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود. فلما دخل عليه وجده في غشية. فقال: "أقد قضى؟" قالوا: لا يا رسول الله. فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا. فقال: "ألا تسمعون؟! إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا (وأشار إلى لسانه) أو يرحم" .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما؛ (قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، [ ص: 305 ] وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود) .

                                                                                                                              فيه: استحباب عيادة المريض، وعيادة الفاضل المفضول، وعيادة الإمام، والقاضي، والعالم: أتباعه.

                                                                                                                              وقد وردت في فضل العيادة أحاديث في مسلم وغيره، وكلها تدل على تأكدها.

                                                                                                                              (فلما دخل عليه وجده في غشية) بفتح الغين، وكسر الشين، وتشديد الياء.

                                                                                                                              قال عياض : هكذا رواية الأكثرين، وضبطه بعضهم بإسكان الشين، وتخفيف الياء.

                                                                                                                              وفي رواية البخاري : (في غاشية) . وكله صحيح.

                                                                                                                              وفيه: قولان. "أحدهما": من يغشاه من أهله.

                                                                                                                              "والثاني": ما يغشاه من كرب الموت.

                                                                                                                              (فقال: "أقد قضى؟" قالوا: لا. يا رسول الله! فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم) . فيه جواز البكاء على الميت.

                                                                                                                              (فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا. فقال: "ألا تسمعون؟" إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب. ولكن يعذب بهذا، - وأشار إلى لسانه - أو يرحم ".)

                                                                                                                              وفي حديث أسامة بن زيد، في قصة موت صبي إحدى بناته صلى الله عليه وسلم:

                                                                                                                              [ ص: 306 ] (ففاضت عيناه، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال: "هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء")

                                                                                                                              ومعناه: أن سعدا ظن أن جميع أنواع البكاء حرام، وأن دمع العين حرام، وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم: نسي فذكره.

                                                                                                                              فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، أن مجرد البكاء ودمع العين، ليس بحرام، ولا مكروه. بل هو رحمة وفضيلة.

                                                                                                                              وإنما المحرم: النوح، والندب، والبكاء المقرون بهما، أو بأحدهما.

                                                                                                                              كما في حديث آخر: (العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول ما يسخط الله) .

                                                                                                                              وفي آخر: (ما لم يكن لقع، أو لقلقة) .




                                                                                                                              الخدمات العلمية