الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب النهي عن البصاق في القبلة

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقا في جدار القبلة فحكه ثم أقبل على الناس فقال إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه إذا صلى [ ص: 662 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 662 ] 3 - باب النهي عن البصاق في القبلة

                                                                                                          بصاد مهملة وفي لغة بالزاي وأخرى بالسين وضعفت ، والباء مضمومة في الثلاث وهو ما يسيل من الفم . 456 458 - ( مالك ، عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى بصاقا ) بضم الموحدة ( في جدار القبلة ) وفي رواية أيوب عن نافع عند البخاري : في قبلة المسجد . ( فحكه ) بيده ، وفي رواية أيوب : ثم نزل فحكه بيده ، وفيه إشعار بأنه رآه حال الخطبة ، وبه صرح في رواية الإسماعيلي وزاد : وأحسبه دعا بزعفران فلطخه به ، زاد عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب : فلذلك صنع الزعفران في المساجد . ( ثم أقبل على الناس ) بوجهه الكريم ( فقال : إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق ) بالجزم على النهي ( قبل ) بكسر القاف وفتح الموحدة ؛ أي : قدام ( وجهه ) قال الباجي : خص بذلك حال الصلاة لفضيلة تلك الحال ، ولأنه حينئذ يكون مستقبل القبلة ( فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه إذا صلى ) قال الخطابي : معناه أن توجهه إلى القبلة مفض له بالقصد منه إلى ربه ، فصار بالتقدير كان مقصوده بينه وبين قبلته ، وقيل هو على حذف مضاف ؛ أي : عظمة الله أو ثواب الله .

                                                                                                          وقال ابن عبد البر : هو كلام خرج على التعظيم لشأن القبلة ، وقد نزع به بعض المعتزلة القائلين بأن الله في كل مكان ، وهو جهل واضح ؛ لأن في الحديث أنه يبزق تحت قدمه وفيه نقض ما أصلوه ، وفيه رد على من زعم أنه على العرش بذاته ، ومهما تأول به جاز أن يتأول به ذاك ، وهذا التعليل يدل على حرمة البزاق في القبلة ، سواء كان في المسجد أم لا ، ولا سيما من المصلي ، فلا يجري فيه الخلاف في أن كراهة البزاق في المسجد هل هي للتنزيه أو للتحريم . وفي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان عن حذيفة مرفوعا : " من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه " ولابن خزيمة ، عن ابن عمر مرفوعا : " يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه " ولأبي داود وابن حبان عن السائب بن خلاد : " أن رجلا أم قوما فبصق في القبلة ، فلما فرغ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يصلي لكم " الحديث ، وفيه أنه قال له : " إنك آذيت الله ورسوله " والحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن يحيى [ ص: 663 ] التميمي ، عن مالك به .




                                                                                                          الخدمات العلمية