الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وإذا قرئ القرآن الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في كتاب القراءة في الصلاة ، وابن عساكر ، عن أبي هريرة في قوله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قال : نزلت في رفع الأصوات وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي في كتاب القراءة في الصلاة ، عن ابن عباس : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا يعني في الصلاة المفروضة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي في القراءة ، عن ابن عباس قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ خلفه قوم ، فخلطوا عليه ، فنزلت : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا . [ ص: 719 ] فهذه في المكتوبة . ثم قال ابن عباس : وإن كنا لا نستمع لمن يقرأ ، إنا إذن لأجفى من الحمير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في القراءة ، عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه ؛ إذا قال : بسم الله الرحمن الرحيم . قالوا مثل ما يقول حتى تنقضي فاتحة الكتاب والسورة ، فلبث ما شاء الله أن يلبث ، ثم نزلت : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا الآية ، فقرأ وأنصتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" ، عن مجاهد قال : قرأ رجل من الأنصار خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، فأنزلت : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في كتاب القراءة ، وابن مردويه ، عن عبد الله بن مغفل أنه سئل : أكل من سمع القرآن يقرأ وجب عليه الاستماع والإنصات ؟ قال : لا ، قال : إنما نزلت هذه الآية : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا في قراءة الإمام ، إذا قرأ الإمام فاستمع له وأنصت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي [ ص: 720 ] في القراءة ، عن ابن مسعود ، أنه صلى بأصحابه ، فسمع ناسا يقرءون خلفه ، فلما انصرف قال : أما آن لكم أن تفهموا ، أما آن لكم أن تعقلوا ! وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا كما أمركم الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والطبراني في الأوسط ، وابن مردويه ، والبيهقي في القراءة ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود أنه قال في القراءة خلف الإمام : أنصت للقرآن كما أمرت ؛ فإن في الصلاة شغلا ، وسيكفيك ذاك الإمام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن علي قال : من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن زيد بن ثابت قال : لا قراءة خلف الإمام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان له إمام فقراءته له قراءة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن إبراهيم قال : أول ما أحدثوا القراءة خلف الإمام ، [ ص: 721 ] وكانوا لا يقرءون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، والبيهقي في القراءة ، عن الزهري قال : نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قرأ شيئا قرأه ، فنزلت : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ ، والبيهقي في كتاب القراءة في الصلاة ، عن أبي العالية ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بأصحابه فقرأ ، قرأ أصحابه خلفه ، فنزلت هذه الآية : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا فسكت القوم وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عمر قال : كانت بنو إسرائيل إذا قرأت أئمتهم جاوبوهم ، فكره الله ذلك لهذه الأمة فقال : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، عن إبراهيم قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ ورجل يقرأ ، فنزلت : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ ، عن طلحة بن مصرف في قوله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قال : ليس هؤلاء بالأئمة الذين أمرنا بالإنصات لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي [ ص: 722 ] حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في "سننه" من طريق أبي عياض عن أبي هريرة قال : كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فلم يرد عليه ، وكان الرجل قبل ذلك يتكلم في صلاته ويأمر بحاجته ، فلما فرغ رد عليه وقال : إن الله يفعل ما يشاء ، وإنها نزلت : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن مسعود قال : كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة ، فجاء القرآن : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي في "سننه" ، عن عبد الله بن مغفل قال : كان الناس يتكلمون في الصلاة ، فأنزل الله هذه الآية : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلام في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، عن عطاء قال : بلغني أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة كما يتكلم اليهود والنصارى حتى نزلت : [ ص: 723 ] وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير وأبو الشيخ ، والبيهقي في القراءة ، عن قتادة قال : كانوا يتكلمون في الصلاة أول ما أمروا بها ، كان الرجل يجيء وهم في الصلاة فيقول لصاحبه : كم صليتم ؟ فيقول : كذا وكذا . فأنزل الله هذه الآية : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا فأمروا بالاستماع والإنصات ، علم أن الإنصات هو أحرى أن يستمع العبد ويعيه ويحفظه ، علم أن لن يفقهوا حتى ينصتوا ، والإنصات باللسان ، والاستماع بالأذنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن الضحاك قال : كانوا يتكلمون في الصلاة ، فأنزل الله : وإذا قرئ القرآن الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" ، عن ابن عباس في قوله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له قال : نزلت في صلاة الجمعة ، وفي صلاة العيدين ، وفيما جهر به من القراءة في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس قال : المؤمن في سعة من الاستماع إليه ؛ إلا في صلاة الجمعة ، وفي صلاة العيدين ، وفيما جهر به من القراءة في الصلاة . [ ص: 724 ] وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي في القراءة ، عن ابن عباس في قوله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قال : نزلت في رفع الأصوات خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، وفي الخطبة يوم الجمعة ، وفي العيدين ، فنهاهم عن الكلام في الصلاة وفي الخطبة لأنها صلاة ، وقال : من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فلا صلاة له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في القراءة ، عن مجاهد في هذه الآية : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قال : هذا في الصلاة والخطبة يوم الجمعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد قال : وجب الإنصات في اثنتين ؛ في الصلاة والإمام يقرأ ، ويوم الجمعة والإمام يخطب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما أوجب الإنصات يوم الجمعة ؟ قال : قوله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قال : ذاك زعموا في الصلاة وفي الجمعة . قلت : والإنصات يوم الجمعة كالإنصات في القراءة سواء ؟ قال : نعم . [ ص: 725 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، عن الحسن في قوله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قال : عند الصلاة المكتوبة ، وعند الذكر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، عن الكلبي قال : كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار ، فأنزل الله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له الآية ، قال : في الصلاة ، وحين ينزل الوحي عن الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في كتاب القراءة عن عطاء قال : سألت ابن عباس عن قوله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا : هذا لكل قارئ ؟ قال : لا ، ولكن هذا في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد ، أنه كره إذا مر الإمام بآية خوف أو آية رحمة أن يقول أحد من خلفه شيئا ، قال : السكوت . [ ص: 726 ] وأخرج أبو الشيخ ، عن عثمان بن زائدة ، أنه كان إذا قرئ عليه القرآن غطى وجهه بثوبه ، ويتأول من ذلك قول الله : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا فيكره أن يشغل بصره وشيئا من جوارحه بغير استماع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند حسن ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة ، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن ، عن الحسن قال : من استمع إلى آية من كتاب الله ، كتبت له حسنة مضاعفة ، ومن قرأها كانت له نورا يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية